يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا [ ص: 300] (29) ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة. بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق. آيات عن أخذ أموال الناس بالباطل. ثم إنه -لما حرم أكلها بالباطل- أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره. ولا تقتلوا أنفسكم أي: لا يقتل بعضكم بعضا، ولا يقتل الإنسان نفسه. ويدخل في ذلك الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وفعل الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك إن الله كان بكم رحيما ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود. وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: لا تأكلوا أموالكم ولا تقتلوا أنفسكم كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك بعبارة أخصر من قوله: "لا يأكل بعضكم مال بعض" و "لا يقتل بعضكم بعضا" مع قصور هذه العبارة على مال الغير ونفس الغير فقط.
اهـ. والتراضي هو: الرضا من الجانبين بما يدل عليه من لفظ، أو عرف. كما قال ابن عاشور في التحرير والتنوير. وقال الدكتور وهبة الزحيلي في التفسير المنير: التجارة تشمل عقود المعاوضات المقصود بها الربح، وخصّها بالذّكر من بين أسباب الملك؛ لكونها أغلب وقوعًا في الحياة العملية، ولأنها من أطيب وأشرف المكاسب... وليس كلّ تراض معترفًا به شرعًا، وإنما يجب أن يكون التراضي ضمن حدود الشرع، فالرّبا المأخوذ عن بيع فيه تفاضل، أو بسبب قرض جرّ نفعًا، والقمار، والرّهان، وإن تراضى عليه الطّرفان، حرام، لا يحلّ شرعًا. اهـ.
والذين يجمعون الذهب والفضة، ولا يؤدون ما يجب عليهم من زكاتها، فأخبرهم - أيها الرسول - بما يسوؤهم يوم القيامة من عذاب موجع. تفسير وترجمة الآية
[8] البيت ينسب لأبي تمام. انظر: "الصناعتين" ص212. [9] أخرجه مسلم في القدر (2664)، وابن ماجه في المقدمة (79)- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [10] أخرجه أحمد (1/ 293، 303، 307)- من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. [11] أخرجه البخاري في الجهاد (2915)، ومسلم في الجهاد- الإمداد بالملائكة في غزوة بدر (1763)- من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. [12] أخرجه أبو داود في الصلاة (1319). [13] أخرجه أبو داود في الأدب (4985)- من حديث سالم بن أبي الجعد عن رجل. تفسير قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة...}. [14] أخرجه الطبري في "جامع البيان" (1/ 620). [15] انظر: "مجموع الفتاوى" (28/381). [16] أخرجه الترمذي في الإيمان (2616)، وابن ماجه في الفتن (3973)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". [17] انظر "بدائع التفسير" (1/ 314).
إعراب الآية 45 من سورة البقرة - إعراب القرآن الكريم - سورة البقرة: عدد الآيات 286 - - الصفحة 7 - الجزء 1. (وَاسْتَعِينُوا) الواو عاطفة، استعينوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة. (بِالصَّبْرِ) متعلقان باستعينوا. (وَالصَّلاةِ) معطوف على الصبر. (وَإِنَّها) الواو حالية، إن حرف مشبه بالفعل والهاء اسمها. (لَكَبِيرَةٌ) اللام لام المزحلقة وكبيرة خبر إن. (إِلَّا) أداة حصر. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 45. (عَلَى الْخاشِعِينَ) متعلقان بكبيرة. والجملة في محل نصب حال. خطاب لبني إسرائيل بالإرشاد إلى ما يعينهم على التخلق بجميع ما عدد لهم من الأوامر والنواهي الراجعة إلى التحلي بالمحامد والتخلي عن المذمات ، له أحسن وقع من البلاغة فإنهم لما خوطبوا بالترغيب والترهيب والتنزيه والتشويه ظن بهم أنهم لم يبق في نفوسهم مسلك للشيطان ولا مجال للخذلان وأنهم أنشأوا يتحفزون للامتثال والائتساء ، إلا أن ذلك الإلف القديم يثقل أرجلهم في الخطو إلى هذا الطريق القويم ، فوصف لهم الدواء الذي به الصلاح وريش بقادمتي الصبر والصلاة منهم الجناح. فالأمر بالاستعانة بالصبر لأن الصبر ملاك الهدى فإن مما يصد الأمم عن اتباع دين قويم إلفهم بأحوالهم القديمة وضعف النفوس عن تحمل مفارقتها فإذا تدرعوا بالصبر سهل عليهم اتباع الحق.
قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس: يعني المصدقين بما أنزل الله. وقال مجاهد: المؤمنين حقا. وقال أبو العالية: إلا على الخاشعين الخائفين ، وقال مقاتل بن حيان: إلا على الخاشعين يعني به المتواضعين. وقال الضحاك: ( وإنها لكبيرة) قال: إنها لثقيلة إلا على الخاضعين لطاعته ، الخائفين سطواته ، المصدقين بوعده ووعيده. وهذا يشبه ما جاء في الحديث: لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه. وقال ابن جرير: معنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب ، بحبس أنفسكم على طاعة الله وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر ، المقربة من رضا الله ، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله المستكينين لطاعته المتذللين من مخافته. تفسير: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين). هكذا قال ، والظاهر أن الآية وإن كانت خطابا في سياق إنذار بني إسرائيل ، فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص ، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم. والله أعلم.
الإعراب: الواو عاطفة (إذا) اسم ظرفي في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكروا (نجينا) فعل ماض وفاعله و(كم) ضمير في محلّ نصب مفعول به (من آل) جارّ ومجرور متعلّق ب (نجّينا)، (فرعون) مضاف اليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف للعلميّة والعجمة (يسومون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و(كم) مفعول به (سوء) مفعول به ثان منصوب (العذاب) مضاف اليه مجرور (يذبّحون) مضارع مرفوع وفاعله (أبناء) مفعول به منصوب و(كم) مضاف اليه الواو عاطفة (يستحيون نساءكم) مثل يذبّحون أبناءكم. الواو استئنافية (في) حرف جرّ (ذا) اسم اشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم، واللام للبعد والكاف للخطاب والميم لجمع الذكور (بلاء) مبتدأ مؤخّر مرفوع (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (بلاء) و(كم) مضاف اليه (عظيم) نعت ثان ل (بلاء) مرفوع مثله. جملة: (نجّيناكم.. ) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (يسومونكم) في محل نصب حال من (آل فرعون). وجملة: (يذبّحون) في محلّ نصب بدل من جملة يسومونكم. وجملة: (يستحيون) في محلّ نصب معطوفة على جملة يذبّحون. وجملة: (في ذلكم بلاء) لا محلّ لها استئنافيّة. الصرف: (آل)، أصل الهمزة هاء أي أهل فأبدلت الهاء بالهمزة لقربها منها في المخرج ثمّ قلبت الهمزتان مدة لأن الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وقيل: أصل آل أول من آل يؤول لأن الإنسان يؤول إلى أهله.
(1) الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، دار المعرفة ـ بيروت، ط:1، 1406هـ ـ 1986م، ج:1، ص:218. (2) المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، دار إحياء التراث العربي، ط:1، 1412هـ/1992م، م:28، ج:79، باب:62، ص:539، رواية:22. (3) البحار، م:2، ج:3، باب:3، ص:34، رواية:20. (4) مجمع البيان، ج:1، ص:217. (5) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي، ط:1، 1411هـ/1991م، ج:1، ص:153.
والصلاة تكون عوناً إذا أتى بها على وجه كامل، وهي التي يكون فيها حضور القلب، والقيام بما يجب فيها ، فالصلاة الحقيقية التي يشعر الإنسان فيها أنه قائم بين يدي الله، وأنها روضة فيها من كل ثمرات العبادة ، لا بد أن يَسلوَ بها عن كل همّ؛ لأنه اتصل بالله عزّ وجلّ الذي هو محبوبه، وأحب شيء إليه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد وغيره: « حُبِّبَ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ ».