ذات صلة قدرة الله في خلق الإنسان عجائب خلق الإنسان قدرة الله يحثنا الله عز وجل في قوله: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات: 21] أن ننظر إلى أنفسنا نظرة تفكر واعتبار، وتدبر وتأمل، فلو فكر الإنسان في خلقه، وجسده، ووظائفه لأدرك عجائب قدرة الله تعالى في خلقه؛ لأن أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسه، وذاته، وكيانه، فإذا استقرت النطفة في رحم المرأة يبعث الله إليها ملكاً فيصورها، ويخلق سمعها وبصرها، وجلدها، وعظمها، ولحمها، وبمشيئة الله يتم تحديد الجنس. خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وأبهى صورة، وفي مراحل مختلفة؛ وهي: النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم الجنين، ثم المولود، ثم الرضيع، ثم الفطيم، ثم الطفولة، والشباب، والشيخوخة، والهرم، وعليه أن يبحث عن مظاهر قدرة الله في خلقه. مظاهر قدرة الله في خلق الإنسان العظام العظام جزء مهم من جسم الإنسان، فهي تشكل داعماً وقواماً له، ومخزناً رئيسياً لأملاح الكالسيوم، والفسفور، ويخزن نخاع العظم الأصفر الدهون فيه، خلقها الله عزوجل بأشكال مختلفة؛ فمنها الصغير والكبير، والمنحني والمستدير، والعريض والمصمت، والمجوف، والمسننة، ركبها الله مع بعضها البعض بطريقة منظمة ومتقنة، كما يحتوي جسم الإنسان على 206 عظمات مختلفة في الحجم، والنوع، والوظيفة.
(لقد خلقنا الإنسان) (الإنسان) أي جنس الإنسان مؤمن وكافر. (في أحسن تقويم) التقويم في اللغة: تصيير الشيء على الصورة التي ينبغي أن يكون عليها في التعديل والتركيب، تقول: قومت الشيء تقويماً، إذا جعلته على أحسن الوجوه التي ينبغي أن يكون عليها في التعديل والتركيب. وفي الآية قولان لعلماء التفسير: القول الأول: خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، معتدل القامة، جميل الصورة، وفي وجهه للنظر عينان، وللسمع أذنان، ولسان وشفتان، ومنحه الله يدين يبطش بهما، ورجلين يمشي عليهما، وعقلا يفكر به، ونفخ الله فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وكرّمه الله تكريما عظيما، وفضّله على كثير من مخلوقاته، قال تعالى: ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا.
وفي الحق لقد بذل الجنس البشري مجهوداً جباراً لكي يعرف نفسه ، ولكن بالرغم من أننا نملك كنزاً من الملاحظة التي كدسها العلماء والفلاسفة والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان ، فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا ، إننا لا نفهم الإنسان ككل.. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة ، وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا.. فكل واحد منا مكوّن من موكب من الأشباح ، تسير في وسطها حقيقة مجهولة... وواقع الأمر إن جهلنا مطبق ". "... فمن الواضح أن جميع ما حققه العلماء من تقدم فيما يتعلق بدراسة الإنسان ما زال غير كاف وإن معرفتنا بأنفسنا ما زالت بدائية في الغالب " ص 16 - 19. [2] سورة الانفطار [6 - 7]. [3] سورة الحجر [29]. خلق الإنسان في أحسن تقويم - بيت DZ. [4] سورة الأعلى [2]. [5] المقصود بها قوله تعالى: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾. [6] سورة التغابن [3]. [7] سورة التين [4]. [8] ذهب سيد قطب رحمه الله إلى توسيع كلمة صوركم حتى شملت الجانب المعنوي فقال: "﴿ وَصَوَّرَكُمْ.. ﴾ تشعر الإنسان بكرامته على الله ، وبفضل الله عليه في تحسين صورته: صورته الخلقية وصورته الشعورية " الظلال ص [3585] سورة التغابن. [9] كل ما ورد في القرآن الكريم في مادة " صور " هو: كلمة (المصور) اسماً من أسمائه تعالى ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ﴾ سورة الحشر [24].
على الرغم من عدم الاختلاف في معناها اللغوي: فالتقويم: التعديل والتثقيف [10]. ولكن هذا التعديل والتثقيف متعلق بظاهر الإنسان أم بباطنه؟. قال القرطبي - رحمه الله -: ﴿ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ في اعتداله واستواء شبابه كذا قال عامة المفسرين. ا. هـ. وهكذا يذهب في تفسير الآية الكريمة إلى الحسن الظاهر الذي يتناول قوام الإنسان وشكله الظاهر. ويؤيده في هذا الاتجاه ابن كثير - رحمه الله - حيث قال: " وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سويّ الأعضاء حسنها ". وقال مجاهد - رحمه الله -: ﴿ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾: أحسن صورة وأبدع خلق " [11]. مع انّ الله خلق الإنسان في أحسن صورة فلماذا نجد نقصان بعض الأفراد في الخلقة ؟. وذهب آخرون إلى أن حسن التقويم هنا يتعلق بالجانب المعنوي للإنسان: وينقل القرطبي بعض هذه الأقوال: " وقال أبو بكر بن طاهر: مزينًا بالعقل مؤديًا للأمر مهديًا بالتمييز.. [وقال] ابن عربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان. فإن الله خلقه حيًا عالمًا، قادرًا مريدًا متكلمًا سميعًا بصيرًا مديرًا حكيمًا، وهذه صفات الرب سبحانه.. ". وإلى هذا المنحى ذهب سيد قطب رحمه الله حين قال: ﴿ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ فطرة واستعدادًا ". وذهب فريق ثالث من المفسرين إلى الجمع بين الاتجاهين السابقين.
السؤال: الله خلق الإنسان في أحسن صورة وأحسن تقويم ، فلماذا نجد بعض البشر أُم زائد اليد أو زائد الرجل وغير ذلك ؟ الجواب: ورد التعبير في القرآن الكريم عن خلقة الإنسان تارةً بقوله تعالى: ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [ غافر: 64] ، [ التغابن: 3]. وتارةً اُخرى بقوله تعالى: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [ التين: 4]. والمعنى أنّ اللّه تعالى جعل صورة الإنسان صورة حسنة وخَلَقه في أحسن تقويم ، والتقويم معناه جعل الإنسان ذا قوام ، وقوام الشيء هو ما يقوم به الشيء ويثبت ، فالآيات تريد أن تبيّن أنّ صورة الإنسان بشكل عامّ صورة حسنة ، وأنّ هذا النوع من الكائنات الحيّة يمتلك أحسن قوام بحسب الخلقة. رَد شُبْهة خَلْقُ الإنسان في أحسن تقويم!!. والآن نتساءل ما هي الصورة الحسنة ؟ وما هو أحسن قوام ؟ الجواب عن الصورة الحسنة هو أنّه ليس المقصود بها صباحة المنظر وملاحته ، إذ ليس جميع البشر كذلك ، بل المقصود تناسب أجزاء الإنسان بعضها مع بعض وتناسب مجموعها مع الغاية التي خُلق من أجلها ، فالأجهزه الفعّالة في جسم الإنسان فيها غاية التناسب والإنسجام وتفاعل بعضها مع البعض الآخر حتّى في جسم الإنسان الذي له يد زائده ، أو رجل أو غير ذلك.