وكان اختيار الخليفة لقادة ألويته اختيارا دقيقا ، يقدم مصلحة الأمة ، وينتقي للمهمة أكفأ الناس لها ، وإن كان أحدث سابقة في الإسلام ، وإن ممن اختارهم أبو بكر لقيادة فتوحاته خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وفي الصحابة من هم أقدم منهم سابقة ، وأكثر علما ، لكنه يختار للمهمة من هو جدير بها ، وكان يزيد واحدا من قادة فاتحي الشام الأَكْفَاء. من هو يزيد؟ هو يزيد بن أبي سفيان بن حرب ، أسلم في فتح مكة في العام الثامن من الهجرة ، وهو أخو معاوية بن أبي سفيان من أبيه ، وأخو أم المؤمنين أم حبيبة زوج النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) ، شهد مع الرسول (صلَّى الله عليه وسلَّم) غزوة حنين ، وأعطاه من غنائمها مائة من الإبل ، وأربعين أوقية من الفضة ، وفي خلافة أبي بكر الصديق عقد له مع أمراء الجيوش التي بعثها لفتح الشام. كان الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص أول قائد عقد له أبو بكر الصديق لواء فتح الشام ، وأمره أن يعسكر بجيشه في تيماء شمالي الحجاز ، وألا يقاتل إلا إذا قوتل ، وكان الخليفة يقصد من وراء ذلك أن يكون جيش خالد بن سعيد عونًا ومددًا عند الضرورة ، وأن يكون عينه على تحركات الروم ، لا أن يكون طليعة لفتح بلاد الشام ، لكن "خالد" اشتبك مع الروم التي استنفرت بعض القبائل العربية من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان لقتال المسلمين ، فهُزم هزيمة مروعة في مرج الصفر ، واستشهد ابنه في المعركة ، ورجع بمن بقي معه إلى ذي مروة ينتظر قرار الخليفة أبي بكر الصديق.
وقعة الحُرَّة: حدثت في سنة 63هـ بين أهل المدينة وجيش يزيد، سببها أن أهل المدينة خلعوا يزيد وذهبوا عن قريش، وسجنوا كل من هو من بني أمية في المدينة، وطردوا عامل يزيد الذي بعثه إليهم ليعودوا لطاعته، فأرسل إليهم جيشاً مكوَّن من اثنا عشر ألف مقاتل بقيادة مُسلَّم بن عقبة، حيث دعاهم للبيعة بدون حرب لمدة ثلاثة أيام متتالية، وبايعه عدد من النّاس وقتل كل من رفض مبايعته. حركة عبدلله بن الزبير: كانت امتداداً لخروج أهل المدينة، إذ عندما رأى ابن الزبير وقعة كربلاء والفراغ السياسي والقيادي وخروج أهل المدينة الذي حدث بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان، ورأى أيضاً كره العالم الإسلامي ونقمته على يزيد، فخرج بحملة مسلّحه ضد بني أمية وانطلق من مكة ليعيد الخلافة للجاز منبتها الأول، فبايعه أهل تهامة والحجاز باستثناء عبدلله بن العباس ومحمد بن الحنيفة. وحاول يزيد بن معاوية التفاوض مع ابن الزبير ليعطيه ولاية الحجاز ولكنه رفض، وعندما رأى يزيد رفضه وجّه جيشاً بقيادة مسلَّم إلى مكة للقضاء على حملة عبدلله بن الزبير، لكن مسلًم عندما وصل إلى المشلل مرض وتوفي وأعطى القيادة إلى الحصين بن نمير، كانت المقاومة عنيفة جداً، إذ انضم أعداء الدولة الأموية للحرب وبينهما في أشد مراحل الحرب أتى خبر وفاة يزيد بن معاوية، فتوقف الحصين لأنه عرف أن حالة الزبير الحالية أقوى، وبعد فترة أعلنت الخلافة لمعاوية بن يزيد وأعلن عبد لله بن الزبير نفسه خليفه في المدينة.
لواء يزيد ولما وصلت أنباء هذه الهزيمة إلى المدينة فزع الصديق وأهمّه الأمر ، فجهَّز أربعة جيوش إلى الشام بعد أن استشار أهل الرأي والخبرة من الصحابة ، واختار لها أكفأ قادته وأكثرهم معرفة بأمور الحرب وخبرة بميادين القتال ، وحدد لكل جيش وِجهته ومهمته التي سيقوم بها ، وكان الجيش الأول تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان ، ووجهته البلقاء (المملكة الأردنية الهاشمية) ، وكان الجيش الثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة ، ووجهته منطقة بصرى. وجعل أبو بكر الصديق قيادة الجيش الثالث لأبي عبيدة بن الجراح، ووجهته منطقة الجابية ، وجعل له القيادة العامة عند اجتماع الجيوش الأربعة. أما الجيش الرابع فكان بقيادة عمرو بن العاص، ووجهته فلسطين.
المراجع: الإصابة في تمييز الصحابة - أبو بكر الصديق.
منازل مزدوجة للبيع في طريق القاهرة السويس بالتقسيط - YouTube