3 - أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الفُسُوقِ وَالعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ؟ المُبِيدُ هو الذي يُهلك الباطل الذي يواجهه ويُنهيه. والقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف مُبِيدُ أهل الفسوق والعصيان والطغيان، أي الذين عصوا فلم يلتزموا بأوامر الله تعالى أو ينتهوا عن نواهيه، والذين طغوا وظلموا باستخدام قدراتهم في الظلم والعدوان. وداع رمضان (خطبة). الإيمان هو المقابل لكل عناوين الانحراف، قال تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ (الحجرات: 7). ولكن لا رجاء بأولئك الجهلة الذين أوغلوا في البعد عن طاعة الله تعالى. كتب الإمام أبو عبد الله عليه السلام: "ولعمري ما أُتي الجهال من قبل ربهم, وإنهم ليرون الدلالات الواضحات والعلامات البينات في خلقهم، وما يعاينون من ملكوت السماوات والأرض والصنع العجيب المتقن الدال على الصانع، ولكنَّهم قومٌ فتحوا على أنفسهم أبوابَ المعاصي، وسهَّلوا لها سبيلَ الشهوات، فغلبت الأهواءُ على قلوبهم، واستحوذَ الشيطان بظلمهم عليهم، وكذلك يطبع الله على قلوب المعتدين" (2). وستكون إبادة هؤلاء على يد الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
[8]- تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، الطبعة: الأولى، 1419هـ، ج1، ص484. جريدة الرياض | قـــوة الحــــق. [9]- نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين النويري، مرجع سابق، ج3، ص153. [1]- علم البيان، عبد العزيز عتيق، بيروت–لبنان، دار النهضة العربية، الطبعة: بدون، 1405هـ/ 1982م، ص226. [10]- علم البيان، عبد العزيز عتيق، بيروت–لبنان، دار النهضة العربية، الطبعة: بدون، 1405هـ/ 1982م، ص226.
أخرجَه البخاريّ. وأَخرَج أيضًا عنِه -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "مَن كانَت له مَظلَمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شَيءٍ فليتحلّله منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دِرهمٌ ولا دِينار، إن كان له عَمَلٌ صالح أُخِذ منه بقدرِ مظلمته، وإن لم تَكن له حسنات أخِذَ من سيّئات صاحبه فحُمِل عليه". خطبه عن الظلم مكتوبه. الظلم شنيع -يا عباد الله-، ولا بد من مدافعته وتطهير مجتمعاتنا منه بالوسائل الشرعية، ومن أعظم وسائل إزالة الظلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالعدل والحكمة والموعظة الحسنة، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125]. ومن الوسائل: عدم الركون إلى الظالم؛ لأنه سبب في انتشار الظلم، قال الله تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) [هود: 113]، ولأن الركون إلى الظالم سكوت عن ظلمه وتأييد له. ومن الوسائل: هجر الظالم وعدم إعانته على ظلمه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" ، قالوا: يا رسولَ الله: هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيفَ ننصُره ظالمًا؟!
(رواه البيهقي). عباد الله الجاؤا إلى الله واصدقوا في التوبة وأكثروا من الاستغفار [وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ] (هود الآية52). لقد جعل الله لكل شيء سبباً يجلبه وآفة تذهبه فالطاعات أسباب جالبة للنعم حافظة لها وهي وسائل لاستقرارها وكثرتها وتنوعها كما أن المعاصي أسباب مذهبة للنعم جالبة للنقم فهي تزيل النعم الحاصلة وتقطعها. والمطر إحدى هذه النعم فهو بشارة خير وحياة للناس [وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ](الأنبياء الآية30). الماء أيها المؤمنون هو سر الحياة وأساس البقاء وهو أرخص موجود وأعز مفقود ولذا امتن الله به على عباده قال تعالى: [أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ](الواقعة الآيتان 68، 69). خطبه مكتوبه عن الظلم. وقال تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ](الروم الآية 24).
وللظلم أيها المؤمنون مضار كثيرة منها: 1) يجلب غضب الرب سبحانه. 2) يسلط الله جل وعلا على الظالم فيصيبه بشتى أنواع العذاب. 3) يقبل الله دعاء المظلوم في الظالم. 4) الظلم يخرب الديار ويفسد البلاد وهو سبب لهلاك الظالمين. خطبة جمعة عن الظلم. 5) معصية الظلم تتعدى للآخرين فيتحاشون الظالم ويبتعدون عنه. 6) الظلم دليل على ظلمة القلب وقسوته. 7) صغار الظالم عند الله وذلته ومهانته وبعده عن كل ما فيه صلاح وفلاح الناس. 8) الظالم يحرم شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عباد الله وتأملوا في واقع المسلمين اليوم لتروا أن الظلم بلغ مداه على مستوى الأفراد والجماعات والدول فإلى الله المشتكى من تلطخ أيدي الظالمين بدماء الأبرياء فهذه الأنفس المظلومة ستأتي يوم القيامة تطالب بحقها فماذا سيكون الجواب وكيف سيكون الحساب أسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وأن يعصمنا من ظلم الآخرين وأن يحفظ المسلمين في كل مكان. كما أسأله سبحانه أن يسلط على الظالمين عدواً من أنفسهم فينشغلوا به عن ظلم الناس. اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا بسوء اللهم أشغله بنفسه ورد كيده إلى نحره، اللهم آمنا في أوطانا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
وأخبر الله عن نهاية ثمود الذين عتوا عن أمر ربهم وكذبوا صالحاً وانبعث أشقاهم فعقر الناقة قال تعالى: [فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ](الأعراف الآية78). وقال تعالى [إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ](القمر الآية31)، ونفس المصير كان لفرعون وجنوده فقد قال الله عنهم: [وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ](القصص الآيتان 39، 40). وهكذا كان مصير أصحاب الفيل قال تعالى: [أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ *فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ](سورة الفيل). بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.