عدد القراءات: 4٬763 ذات يوم دخل رجل على الإمام أبى حنيفة رحمه الله في مجلس علم وكانت تبدو عليه سمات الوقار والهيبة لدرجة أنَّ أبو حنيفة ضم قدميه إحتراماً للرجل وكان رحمه الله قد تقدم في العمر ولا يستطيع ضمهما، وبعد طول صمت تحدث الرجل وقال: يا أبا حنيفة متى يفطر الصائم! ؟ قال: عند غروب الشمس، فقال الرجل: وإن لم تغرب الشمس؟ فابتسم أبو حنيفة وقال: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه! لماذا مد أبو حنيفة رجليه ؟. وكان يظن رحمه الله أنه من أهل العلم بناء على هيئته الظاهرة وصمته الطويل. قصة ظريفة أصبح يُستأنس بها عندما يراد التعبير عن خداع المظهر والهيبة الزائفة التي لا تعكس حقيقة الجوهر والجهل الذي قد يعانيه إنسان ما محسوب على أهل الحل والعقد. وهذا بالضبط ما حدث معي أثناء وجود الرئيس الفلسطيني الراحل « محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني » الملقب حركياً بـ « ياسر عرفات » عندما كان يرافقه الرئيس الفلسطيني الحالي « محمود عباس » والذي كان أنذاك يشغل منصب عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم رئيس وزراء السلطة الفلسطينية. فقد كنت معجباً بشخصية « محمود عباس » الذي كان يُكثر من الصمت ويتحرك بفخامة وهدوء، كما كان يُحسن استخدام عينيه في نظرات حادة تدل على قبوله أو رفضه دون أن ينطق بكلمة، هذا كله كوَّن له هيبة في الأوساط السياسية وفي نظري أيضاً، ونظراً لحصولة على درجة الدكتوراه في تاريخ الصهيونية من كلية الدراسات الشرقية في موسكو، فقد كنت أرغب أن يتمكن « محمود عباس » من قيادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وهذا ما حدث بالفعل عندما بدأ الرئيس الراحل بالإحتضار في فرنسا التي قبلت علاجه على أراضيها، أذكر إلى الآن منظر « محمود عباس » وهو ينزل من سيارته للقاء « ياسر عرفات » في المستشفى، كان يمشي بهيبة وهدوء كاملين.
2 0 23342 14-02-36 05:12 صباحًا
إلى أن أتى يوم التعيينات المنشود، وسمّاه من سمّاه بالانتصار، فكانت فضيحة الفضائح، وإن رمزية، بتقديم موعد جلسة مجلس الوزراء، لأنّ وزارة ما تحتاج «للتدليك»، فكان لزاماً، لعدم وجود مدلّك آخر، أن نسير بالمسرحية الكوميدية التراجيدية من أجله. (( آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ))…قصة مثل شعبي – حصاد الحبر. طبعاً هذا غيض من فيض، فالتعيينات الأخرى كانت بالسوء ذاته، وعلقة التشكيلات القضائية فضيحة بحد ذاتها، وتحميل حاكم مصرف لبنان الآثام، وعدم اختيار بديل عنه، رغم آثامه، واحتلال نائبة الرئيس موقعاً بصفة رَاقوب على رئاسة الوزراء... وكل ذلك والرئيس الأكاديمي منذ يومين، لم يقل إلّا ما قاله ضيف العالم الجليل في مجلسه، فما كان من أبي حنيفة إلّا أن يَمد رجليه. نقلا عن الجمهورية تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
وكفاني مثالا جهاز قضاء ارتضى بعض النافذين فيه لأنفسهم أن يكونوا عملاء، وأدوات مسخرة في يد جهازي المخابرات المذكورين سلفا وفي غيرهما من ذوي النفوذ… وإنها، لعمري، أكبر مهانة تعيشها العدالة المغربية في زمن الرضوخ للتعليمات. وللحالمين باستقلالية القضاء المتشوفين إلى نزاهة المحاكمات نقول: لكم في الوقائع اليومية وفي أحاديث الركبان ما لفظاعته تشمئز الأنفس وتقشعر الأبدان. وبين هذا وذاك كفاني، وكفاك معي، أن يكون الجهازان ـ الأمن والقضاء ـ بيدي وزارتي "سيادة ومهابة" "لا يأتيهما الباطل من بين يديهما أو من خلفهما…" لقد اقترن اسم الأولى منهما بصفة سرت على ألسن جميع المغاربة: "أم الوزارات" فكانت وزارة الداخلية هي الآمر والناهي في البلاد، ولا زالت يدها تطول لتهيمن على أكثر من اختصاص… ونظرا لنفوذها وذيوع صيتها تخرج منها "حكماء" نطقوا بما فيهم من عنجهية وخيلاء، لا يخلوان من ازدراء وافتراء شاهدين بمقولاتهم الشهيرة على بوار الحقوق والحريات. ما معنى آن لأبي حنيفى أن يمدى رجليه - إسألنا. فقال أولهم عن محاصر في داره عقدا من الزمن: نحن لا نفرض عليه إقامة جبرية، بل هي حماية إنسانية: نحميه من نفسه؟؟؟) وقال الثاني: من أراد النزول إلى الشواطئ فلينزل إليها بشروطها وآدابها ولباسها المتعارف عليه…) ؟؟؟ وقال الثالث: إنه بتكثيفها لأنشطتها تكون جماعة العدل والإحسان قد وضعت نفسها خارج القانون…)!!!
ولذلك تأملت خيراً عندما هَبّ الرئيس حسان دياب معلناً رفضه الرضوخ للاستمرار بمنطق المحاصصة، وأنه سيتمسّك بالقانون والكفاءة والبُعد عن المحسوبية. إلى أن أتى يوم التعيينات المنشود، وسمّاه من سمّاه بالانتصار، فكانت فضيحة الفضائح، وإن رمزية، بتقديم موعد جلسة مجلس الوزراء، لأنّ وزارة ما تحتاج «للتدليك»، فكان لزاماً، لعدم وجود مدلّك آخر، أن نسير بالمسرحية الكوميدية التراجيدية من أجله. طبعاً هذا غيض من فيض، فالتعيينات الأخرى كانت بالسوء ذاته، وعلقة التشكيلات القضائية فضيحة بحد ذاتها، وتحميل حاكم مصرف لبنان الآثام، وعدم اختيار بديل عنه، رغم آثامه، واحتلال نائبة الرئيس موقعاً بصفة رَاقوب على رئاسة الوزراء… وكل ذلك والرئيس الأكاديمي منذ يومين، لم يقل إلّا ما قاله ضيف العالم الجليل في مجلسه، فما كان من أبي حنيفة إلّا أن يَمد رجليه.
لا شك أنّ وهج الأستذة في الجامعة الأميركية له لمعانه، وأنا شخصياً إبن هذه المؤسسة العظيمة، والتي، بالمناسبة، تشهد أياماً عصيبة في وجودها من يوم أن أتى رئيس من أكاديميها إلى سدة الرئاسة. يحكى أن الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، رضي الله عنه، كان يجلس في المسجد بين تلامذته في بغداد، يحدثهم عن أوقات الصّلاة، فدخل المسجد شيخ كبير السن، له لحية كثيفة طويلة، ويرتدي على رأسه عمامة كبيرة، فجلس بين التلاميذ. وكان الإمام يمدّ قدميه، لتخفيف آلام كان يشعر بها، ولم يكن هناك من حرج بين تلامذته حين يمد قدميه، فقد كان قد استأذن تلامذته من قبل بمدّ قدميه أمامهم لتخفيف الألم عنهما. فحين جلس الشيخ الكبير، شعرَ الإمام بأنه يتوجّب عليه، واحتراما لهذا الشيخ، أن يطوي قدميه ولا يمدّهما، وكان قد وَصَلَ في درسه إلى وقت صلاة الصبح، فقال ''وينتهي يا أبنائي وقت صلاة الصبح، حين طلوع الشمس، فإذا صلّى أحدكم الصبح بعد طلوع الشمس، فإن هذه الصلاة هي قضاء، وليست لوقتها''. وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام والشيخ الكبير ''الضيف'' ينظر إليهم. ثم سأل الشيخ الإمام أبو حنيفة هذا السؤال ''يا إمام، وإذا لم تطلع الشمس، فما حكم الصلاة؟''.