أما الصلاة قبل الإحرام؛ فالأصح أنه ليس للإحرام، صلاة تخصه، لكن إن صادف وقت فريضة، أحرم بعدها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أهلّ دبر الصلاة، وعن أنس أنه صلى الظهر ثم ركب راحلته. قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض الظهر. وهنا تنبيه لا بد منه، وهو أن كثيرا من الحجاج يظنون أنه لا بد أن يكون الإحرام من المسجد المبني في الميقات، فتجدهم يهرعون إليه رجالا ونساء، ويزدحمون فيه، وربما يخلعون ثيابهم ويلبسون ثياب الإحرام فيه، وهذا لا أصل له، والمطلوب من المسلم أن يحرم من الميقات، في أي بقعة منه، لا في محل معين، بل يحرم حيث تيسر له، وما هو أرفق به وبمن معه، وفيما هو أستر له وأبعد عن مزاحمة الناس، وهذه المساجد التي في المواقيت لم تكن موجودة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم تبن لأجل الإحرام منها، وإنما بنيت لإقامة الصلاة فيها ممن هو ساكن حولها، هذا ما أردنا التنبيه عليه، والله الموفق. ما هي طريقة احرام أهل جدة - أجيب. ويخير أن يحرم بما شاء من الأنساك الثلاثة، وهي: التمتع، والقران، والإفراد: فالتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه. والإفراد: أن يحرم بالحج فقط من الميقات، ويبقى على إحرامه حتى يؤدى أعمال الحج.
[١٢] قول عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الشريف: ( دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى ضُبَاعَةَ بنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أرَدْتِ الحَجَّ؟ قالَتْ: واللَّهِ لا أجِدُنِي إلَّا وجِعَةً، فَقالَ لَهَا: حُجِّي واشْتَرِطِي، وقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي). [١٣] يُسَن للمُحرِم بعد الإحرام إذا استوى على راحلته بعد أن يحمد الله -تعالى- ويكبّره ويسبح له أن يقول ما رواه جابر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ) ، [١٤] أو ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: (كان من تلبيتِه: لبَّيكَ إلهَ الحقِّ). [١٥] [١١] يُسَن للمُحرِم أن يغسل جميع بدنه، لأنَّه أعمّ في التنظيف وأبلغ في إزالة الروائح الكريهة، ويُعطّر جسمه ولا يُعطّر ثيابه، ويتجرّد الرجل من لبس المخيط، ويلبس رداء وإزار نظيفين أبيضين، ويلبس نعلين، أما النساء فتلبسن لباساً ساتراً، وليس ضيقاً، وليس لباس شهرة، ولا تلبس القفّازين ولا النقاب.
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال: فإن عليه عند أهل العلم فدية ، دماً يذبحه في مكة ، ويتصدق به على الفقراء ، وعمرته صحيحة ، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها ، وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله: فإنه يرجع إلى الميقات ، ويحرم منه ، ولا شيء عليه. "فتاوى أركان الإسلام " ( السؤال رقم 467).
والقران: أن يحرم بالعمرة والحج معا، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل شروعه في طوافها، فينوي العمرة والحج من الميقات أو قبل الشروع في طواف العمرة، ويطوف لهما ويسعى. وعلى المتمتع والقارن فدية إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وأفضل هذه الأنساك الثلاثة التمتع، لأدلة كثيرة. طريقة الاحرام من جده معامله. فإذا أحرم بأحد هذه الأنساك، لبى عقب إحرامه؛ فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ويكثر من التلبية، ويرفع بها صوته. (الملخص الفقهي، للشيخ الدكتور صالح الفوزان:1/413-417)
محظورات الإحرام هي كلّ عمل ممنوع فعله على المحرم بسبب إحرامه، وهي: تقصير الشعر أو حلقه. قص الأظافر. تغطية الرأس للرجال. أن يلبس الذكر المخيط، "وهو ما خيط على قدر البدن كله كالقميص، أو نصفه كالفنيلة، أو لبس القفازات والعمامة والطاقية ومثلها". قتل صيد البر الحلال، أو صيده. استخدام الطيب في البدن. عقد النكاح. أحوال وأحكام من قصد " جدة " لعمل أو زيارة ثم اعتمر - الإسلام سؤال وجواب. أن تقوم المرأة بتغطية وجهها بالنقاب. الجماع. يجتنب المحرم الفسوق والرفث والخصام والجدال. من عمل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو مكرهاً، أو ناسياً فلا إثم عليه ولا فدية، ويجب عليه التخلّي عن المحظور فوراً. مواقيت الإحرام المواقيت وهي الأماكن التي يحرم المعتمر أو الحاج منها، وهي: ميقات ذو حليفة والمعروف بآبار علي، وهو ميقات أهل المدينة، يقع جنوب المدينة المنورة، وهو أبعد المواقيت عن مكة المكرمة. ميقات الجحفة، وهو ميقات أهل الشام وتركيا ومصر ومن حاذاها أو مرّ منها. ميقات يلملم، وهو ميقات أهل اليمن ومن حاذاه أو مرّ منه. ميقات قرن المنازل، وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن حاذاه أو مرّ منه، وهو المشهور بالسيل الكبير. ميقات ذات عرق، وهو ميقات أهل العراق ومن حاذاه أو مرّ منه.
ثالثا: يستحب لمن يريد الإحرام أن يتطيب في بدنه بما تيسر من أنواع الطيب، كالمسك، والبخور، وماء الورد، والعود، لقول عائشة -رضي الله عنها-: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه، فهو حسن، ولا يؤمر المحرم قبل الإحرام بذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله ولم يأمر به الناس. رابعا: يستحب للذكر قبل الإحرام أن يتجرد من المخيط، وهو كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه أو على بعضه كالقميص والسراويل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله، ويستبدل الملابس المخيطة بإزار ورداء أبيضين نظيفين، ويجوز بغير الأبيضين مما جرت عادة الرجال بلبسه. طريقة الاحرام من جده بالانجليزي. والحكمة في ذلك أنه يبتعد عن الترفه، ويتصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكر بذلك أنه محرم في كل وقت، فيتجنب محظورات الإحرام، وليتذكر الموت، ولباس الأكفان، ويتذكر البعث والنشور... إلى غير ذلك من الحكم. والتجرد عن المخيط قبل نية الإحرام سنة، أما بعد نية الإحرام، فهو واج، ولو نوى الإحرام وعليه ثيابه المخيطة، صح إحرامه، ووجب عليه نزع المخيط. فإذا أتم هذه الأعمال، فقد تهيأ للإحرام، وليس فعل هذه الأمور إحراما كما يظن كثير من العوام؛ لأن الإحرام هو نية الدخول والشروع في النسك، فلا يصير محرما بمجرد التجرد من المخيط ولبس ملابس الإحرام من غير نية الدخول في النسك، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: إنما الأعمال بالنيات.