نبذة: أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا. سيرته: دعوة شعيب عليه السلام: لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس.. أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه) نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.
فقالوا له أنه لولا قبيلتك و عشيرتك فينا لرجمناك، و تنكروا للحق لأنهم لا يريدونه، فقالوا: لا نفقه ثيرا مما تقول. و توعدوه و الذين آمنوا معه أن يخرجوهم من قريتهم أو يعودون في ملتهم، قال تعالى في سورة الأعراف: <<قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا>> و هذا دأب الكافرين، إذا عرفوا الحق و استكبروا عنه هددوا الرسل و المؤمنين بالإخراج و آذوهم. فقال لهم شعيب: <<قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ>> الشعراء. ثم دعا شعيب عليه السلام ربه: << رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)>> الشعراء. و الله لا يرد دعاء رسله إذا استنصروه على من كذبوهم و كفروا بهم و آذوهم. استجابة دعاء شعيب عليه السلام و إنزال العذاب بهم و عذب الله هؤلاء القوم بعدة أصناف من العذاب، فأرسل عليهم الرجفة و الصيحة و الظلة، و هي سحابة فيها شهب من نار، و أنجى رسوله شعيبا عليه السلام و من كانوا معه من عباده المؤمنين.
عباد الله: لقد أرسل الله تبارك وتعالى رسلاً إلى البشرية عبر تاريخها الطويل ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ [النساء: 165]، مبشرين بصراط الله المستقيم وبجنات النعيم ومنذرين من الشر والهلاك من الجحيم المقيم، ورسل الله كثير منهم من قص الله علينا خبرهم في كتابه الكريم، ومنهم من لم يقصهم علينا ولله الأمر من قبل ومن بعد، فربنا العليم الخبير عالم الغيب والشهادة يعلم ما ستقع فيه هذه الأمة من شرور إلى قيام الساعة، فذكر الله قصص الأنبياء التي جرائم أقوامهم ستقع فيها أمة الإسلام، وقصة نبي الله شعيب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام واحدة من هذه القصص القرآنية.
بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا.. ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم.. إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه: (وما أناْ عليْكُم بحفيظٍ) بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير، وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم.