[ ص: 145] كتاب الصلاة عن بريدة بن الحصيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر رواه الترمذي ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان بلفظ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب فيه فوائد: (الأولى) الضمير في قوله وبينهم يعود على الكفار أو المنافقين معناه بين المسلمين ، والكافرين ، والمنافقين ترك الصلاة.
ما صحة حديث العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ان ترك الصلاة من اعظم الجرائم ومن اعظم الكبائر، لان الصلاة تعتبر عمود الدين في الاسلام وايضا لانها اعظم الاركان بعد الشهادتين وان ترك الصلاة يعتبر جاحد لوجوبها او مستهزء بها او ساحر بها، ولو فعلها فهذا يكون كافر بإجماع المسلمين، وايضا يكون مرتدا عن الاسلام وذالك اذا تركها جاحد لوجوبها او استهزء فيها او سخر منها وان ذالك يعتبر كافر كفر اكبر ومرتد عن الاسلام بإجماع المسلمين، لذالك فالحديث صحيح والله اعلم. طرق التأكد من صحة الحديث صنف العلماء للحديث الشريف احاديث النبي عليه الصلاة والسلام الى الاحاديث الصحيحة والاحاديث الحسنة والاحاديث الضعيفة، حيث ان الحديث الصحيح هو عبارة عن الحديث الذي اتصل اسناده برواية العدل الضابط من اول السند الى منتهاه وذالك من غير شذوذ ولا علة، فالعدل هو منتصف بعدد من الصفات التي تحمل صاحبها على ملازمة التقوى وايضا لها العديد من الشروط في الاسلام والعقل والبلوغ والشذوذ في الحديث، وهو ان لا يخالف في روايته من هو اوثق منه، وايضا العلة في الحديث هي عبارة عن امر خفي فيه لا يؤثر في صحة الحديث. ان جهود العلماء في كتابة الحديث الشريفة وايضا العناية والتصنيف الصحيح للحديث، على المسلم ان يدرك الاهمية للتأكد من صحة الاحاديث الشريفة وذالك لان السنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من احد المصادر التشريعية الاسلامية الاساسية والتي يجب معرفة الحديث للاحتجاج والعمل فيه.
السؤال: هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ (ي. أ. م) يقول: من هو راوي هذا الحديث، وما صحة هذا الحديث قال رسول الله ﷺ: إن بين الرجل، وبين الكفر ترك الصلاة ؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب: هذا الحديث رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري وعن أبيه عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل، وبين الكفر والشرك ترك الصلاة خرجه مسلم في الصحيح، وفي مسند أحمد والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن حصيب أن النبي ﷺ قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها؛ فقد كفر وهذا وعيد عظيم يدل على كفر تارك الصلاة -نسأل الله العافية- ولو لم يجحد وجوبها. أما إن جحد وجوبها؛ كفر عند الجميع، إن جحد وجوبها قال: إن الصلاة ما هي بواجبة. صار كافرًا عند الجميع -نسأل الله العافية- لكن لو قال: نعم. هي واجبة، ولكنه يتخلف، ولا يصلي؛ فالصحيح: أنه يكون كافرًا بذلك؛ لهذا الحديث الصحيح، وما جاء في معناه، نعم. نسأل الله العافية. فتاوى ذات صلة
وقال ابن يونس في تاريخ مصر: ولا يحدث عن سلمة غير يزيد بن قوذ ، وفيه أيضا من يحتاج إلى الكشف عن حاله ، وحديث ابن عباس شك الراوي له عن ابن عباس في رفعه ، وهو أبو الجوزاء الربعي ، وحديث أم أيمن تقدم أنه منقطع وحديث معاذ في إسناده عمرو بن واقد ، وهو الدمشقي منكر الحديث قاله البخاري ، وهو أيضا من رواية أبي إدريس الخولاني عن معاذ ، وقد قال أبو زرعة إنه لم يصح سماعه منه. وكذا قال الزهري إنه فاته معاذ وأثبت ابن عبد البر سماعه منه ، وكذا قال الوليد بن مسلم أدركه ، وهو ابن عشر سنين. وأما حديث عبد الله بن عمر فهو ، وإن كان صحيحا فلا يلزم من كونه يكون يوم القيامة مع فرعون وهامان وأبي بن خلف أن يكون مخلدا في النار معهم بل قد يعذب معهم في النار ويخرج بالشفاعة أو يغفر له والله أعلم. (الثالثة) احتج الجمهور على عدم تكفير تارك الصلاة من غير جحود بقوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبأحاديث صحيحة منها حديث عبادة بن الصامت قال: سمعت [ ص: 148] رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات فرضهن الله من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه رواه أبو داود ، والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح.
كما أن ترك الصلاة من المعاصي العظيمة، ومن عقوبات المعاصي: أنها تنسي العبد نفسه، كما قال الإمام ابن القيم: فإذا نسي نفسه، أهملها، وأفسدها. وقال أيضًا: ومن عقوباتها: أنها تزيل النعم الحاضرة، وتقطع النعم الواصلة، فتزيل الحاصل، وتمنع الواصل، فإن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.. ومن عقوبة المعاصي أيضًا: سقوط الجاه، والمنزلة، والكرامة عند الله، وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة، أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد، تكون له منزلة عنده، فإذا عصاه، وخالف أمره، سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده. ومن العقوبات التي تلحق تارك الصلاة: سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك؛ لعموم قوله تعالى: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}. وينظر كلامه -رحمه الله- في كتابه: الداء والدواء. ولا ريب أن الفقهاء قد اتفقوا على أن من ترك الصلاة جحودًا بها، وإنكارًا لها، فهو كافر، خارج عن الملة بالإجماع. أما من تركها مع إيمانه بها، واعتقاده بفرضيتها، ولكنه تركها تكاسلًا، أو تشاغلًا عنها، فقد صرحت الأحاديث بكفره، ومن العلماء من أخذ بهذه الأحاديث، فكفَّر تارك الصلاة، وأباح دمه، كما هو مذهب الإمام أحمد، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحكى عليه إسحاق بن راهويه إجماع أهل العلم، وقال محمد بن نصر المروزي - كما في جامع العلوم والحكم-: هو قول جمهور أهل الحديث.
(الثانية) فيه حجة لما ذهب إليه عبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية أنه يكفر بترك الصلاة ، وإن لم يكن جاحدا لها ، وهو محكي عن علي بن أبي طالب وابن عباس والحكم بن عيينة وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي ، ومن حجتهم أيضا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين الرجل وبين الشرك ، والكفر ترك الصلاة. وروى ابن ماجه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بين العبد ، والكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة. ورواه الطبراني في المعجم الأوسط بلفظ من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر. وروى محمد بن نصر أيضا من حديث عبادة بن الصامت قال: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خلال فقال لا تشركوا بالله شيئا ، وإن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم ولا تتركوا الصلاة متعمدين فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة الحديث ورواه الطبراني في المعجم الكبير. وروى أبو بكر البزار في مسنده من حديث أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا أشرك بالله شيئا ، وإن حرقت ، وأن لا أترك صلاة مكتوبة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد كفر وفي إسناده شهر بن حوشب مختلف فيه وقال النووي في الخلاصة: إنه حديث منكر وأخرجه الحاكم في المستدرك من حديث أميمة بنت رقيقة.