ويشعر العاملون عن بُعد أيضا بمزيد من الإرهاق عند محاولة إدارة الأمن عبر جميع أجهزتهم المتصلة مقارنة بالآخرين، كما أن لديهم خوفا أكثر من التعامل مع الإنترنت أيضا، فقد قال 65% من الموظفين عن بُعد إن الإنترنت أصبح مكانا خطيرا مقارنة بـ48% فقط من الموظفين الآخرين، وذلك كما ذكر ميلو في تقريره. فقدان الحماية وقال جون غروهول، عالم النفس الأميركي المتخصص في السلوك عبر الإنترنت، في تصريحات لـ"تيك نيوز ورلد" نقلها الكاتب، "إن الموظفين عن بعد يفتقدون الدعم الذي يقدمه قسم تكنولوجيا المعلومات في الشركة، وعليهم أن يتعاملوا مع المشاكل الأمنية بمفردهم، وهو ما يشكل مصدر قلق ويرتّب عبئا إضافيا على هؤلاء الموظفين، كما تمثّل الأجهزة المتعددة والمتصلة مشكلة أخرى لهم أيضا". وتابع "رأينا كيف يمكن أن تكون الأجهزة المتصلة المختلفة غير آمنة في المنزل، حيث يمكن لجهاز واحد فقط من تلك الأجهزة غير الآمنة أن يعرض سلامة وأمن الشبكة المنزلية بأكملها للخطر". وأوضح جون بامبنيك، وهو مختص أمن المعلومات في شركة "نتنريتش" (Netenrich)، وهي شركة لعمليات الأمن الرقمي وتكنولوجيا المعلومات في ولاية كاليفورنيا الأميركية، "عندما يعمل الموظفون في مكاتبهم بمقار شركاتهم فإنهم يتمتعون بحماية المختصين بأمن المعلومات في هذه الشركات، هناك حراس يَقِظون دائما لأي تهديد، وهو ما يشعرهم بالأمان على عكس ما يحدث عندما يعملون من منازلهم حيث يفتقدون الحماية التي يوفرها هؤلاء الأشخاص.. يتعين على العاملين عن بُعد التعامل ليس فقط مع الشعور بالانفصال عن المكتب، ولكن أيضا مع الانفصال عن الأمن الذي توفره الشركة".
ويذهب مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" (Meta) إلى أبعد من ذلك، فيرى أن 50% من الموظفين في شركته سيعملون عن بعد بحلول عام 2030. وما يؤكد هذه الرؤية قول 32% من الموظفين العاملين عن بُعد إنهم سيستقيلون من وظائفهم إذا ما أُجبروا على العودة إلى العمل من المكاتب، وذلك كما ورد في التقرير السابق. نعم، العمل عن بُعد وجد ليبقى ويتمدد، هذه حقيقة الآن، ومع ذلك، ورغم الفوائد العديدة التي حققها العمل عن بعد فقد جلب معه مشاكل عديدة أيضا، وربما كانت أهم هذه المشاكل مشكلة الأمان والخصوصية. قلق وخوف أظهرت دراسة دولية صدرت حديثا عن "صناع برمجيات الأمن السيبراني" (Cybersecurity Software Maker) أن العاملين عن بعد لديهم مستويات قلق أعلى بشأن الأمان والخصوصية مقارنة بالموظفين الذي يعملون في مكاتبهم ومواقع شركاتهم. كما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "إف سكيور" (F-Secure) وضم 7200 شخص من 9 دول مختلفة في العالم أن 67% من العاملين عن بعد أبدوا قلقهم بشأن الأمن والخصوصية، مقارنة بـ58% من الموظفين الآخرين، وذلك كما ذكر الكاتب جون بي ميلو المتخصص في تكنولوجيا المعلومات في تقرير له نشرته منصة "تيك نيوز ورلد" (TechNewsWorld) أخيرا.
ذكرت "الجزيرة" أن العمل عن بعد كان أمرا نادرا قبل عقد من الزمان، فقد كان العمل من المنزل متاحا فقط في حالات خاصة جدا، وكان يُعدّ أمرا مؤقتا في جميع الحالات تقريبا، ولكن ومع وصول جائحة كورونا التي أصابت العالم كله أصبح العمل عن بعد أمرا ضروريا، لا لاستمرار دورة العمل فقط، بل لاستمرار الحياة نفسها. وقد اعتقد كثيرون في عام 2020 أن العمل عن بعد سيكون أمرا مؤقتا، وسينتهي مع انتهاء الجائحة، ولكن ها نحن في عام 2022 وما زال العمل عن بعد موجودا ويتوسع ويتجذر يوما بعد يوم، حيث اكتشف أرباب العمل والعمال أنفسهم الفوائد العديدة التي يجنيها الجميع من هذه الطريقة في العمل. وفي الواقع، هناك نحو 16% من أصحاب الشركات في العالم لا يقبلون تعيين أي موظف في المكاتب، ويريدون أن يكون أداء العمل بالكامل عن بعد، وهذا النهج في اتساع مستمر، حيث يرى 32% من أصحاب العمل أن إنتاجية الموظفين قد ازدادت منذ أن بدأ موظفوهم العمل من المنزل، وفي دراسة أجرتها مختبرات "أو دبليو إل" (Owl labs) فقد قدرت أن 22% من القوى العاملة في أميركا (36. 2 مليون أميركي) سيعملون عن بعد بالكامل في عام 2025، وذلك كما ذكرت منصة "أبولو تيكنيكال" (ApolloTechnical) في تقرير حديث لها.
للأعمال مُتعة! يُعرّف " العمل عن بعد " Telecommuting بأنه العمل الذي يمكن إنجازه من المنزل أو أي مكان آخر دون الحاجة إلى الذهاب إلى مكان العمل سواء كان دوام العمل كليًا أو جزئيًا، ويتم عن طريق الكمبيوتر والإنترنت وأجهزة التواصل الأخرى. يُعدّ العمل عن بعد من الأعمال الرائجة في الوقت الحاضر وبات مصدر رزق لكثير من الأشخاص غير القادرين على الانتقال إلى مكان العمل لظروف تحكمهم صحية كانت أم عائلية. إن للعمل عن بعد عدة فوائد على عدة أصعدة نذكر منها: على صعيد المجتمع: توفير فرص عمل للمتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتخفيض الازدحام المروري. على صعيد صاحب العمل/ الشركة: تخفيض عدد المتواجدين في مكان العمل وبالتالي تخفيض المصاريف، وزيادة الإنتاجية. على صعيد الموظف: توفير المال واستثمار الوقت المقضي في التنقل والمواصلات في إنجاز العمل، والمرونة في العمل نظرًا لإمكانية تحديد ساعات العمل وتوزيعها. رغم هذه الفوائد فإن للعمل عن بعد بعض السلبيات أيضًا: على صعيد صاحب العمل/ الشركة: تخوّف المدير من عدم قدرته على مراقبة ومتابعة أداء الموظف بشكل مباشر. على صعيد الموظف: يصبح الأشخاص الذين يعملون عن بعد في عزلة اجتماعية نتيجة عدم اختلاطهم بشكل مباشر مع زملائهم في العمل.
العمل عن بعد هو نموذج عمل يقدم للشركات والعاملين حرية العمل بعيداً عن مقر الشركة و يناسب مجالات العمل التي لا تحتاج لتواجد الشخص ذاتياً في مقر الشركة مثل البرمجة، التصميم، كتابة المحتوى، التسويق، الإدارة وخدمة العملاء عبر الإنترنت. يتطلب العمل عن بعد توفر جهاز حاسوب وشبكة إنترنت مستقرة. في حين أن العمل عن بعد يتيح العمل من كل مكان، يعمل العاملون عن بعد من المنزل غالباً وهو العامل الذي يعد من أهم مزايا العمل عن بعد. يتمتع العامل عن بعد بكل مميزات الوظيفة الثابتة من مرتب شهري وإجازات وغير ذلك. كذلك يلتزم بساعات العمل الوظيفي المتفق عليها مع صاحب العمل سواء كانت بنظام الدوام الجزئي أو الدوام الكامل. يتم التواصل ومتابعة المهام بين فريق العمل من خلال الإنترنت باستخدام أدوات مخصصة سهلة الاستخدام. أنظمة العمل عن بعد للعمل عن بعد أنظمة مختلفة يمكن إدراجها ضمن التصنيفات التالية: نظام الساعات المرنة العمل من مكتب الشركة بالحالة الافتراضية مع الحصول على بعض الصلاحيات للعمل من المنزل عندما تدعو الحاجة لذلك. أمثلة: الموظفة الام التي تحتاج العناية بابنها نتيجة لوعكة صحية مؤقتة. عملها من المنزل سيمكنها من العناية بابنها ومتابعة عملها.
ولست وحدي من يرى ذلك، فقد اكتشف باحثون في شركة " مايكروسوفت " مؤخراً أن العمل عن بُعد على مستوى الشركة قد جعل تعاون الموظفين "أكثر جموداً وعزلاً"، وخفض مستوى التواصل بين الأجزاء المختلفة من الشركة. وأصبح بناء علامة تجارية شخصية، والمزايا المهنية التي ترافقها، أكثر صعوبة في عصر العمل على "زووم". فالعمل عن بُعد يجعل من الصعب على الناس أن يتذكروا بعضهم ويشعروا بأي شيء تجاه بعضهم، أما الحضور الشخصي، فهو مفتاح لإظهار الثقة التي تعتبر ضرورية في بناء العلاقات، كما يخلق بيئة أكثر فاعلية لتقديم الآراء وتقييم عمل الزملاء وأدائهم، وهي عملية تقوم على التعاطف والحميمية. كما أن المهارات البشرية التي تصلح لكل زمان ومكان، مثل تقديم نفسك بطريقة مميزة، وبناء العلاقات، وتكوين الروابط العاطفية، تنخفض باستمرار عند العمل عن بُعد، لكن أهميتها للنجاح المهني لا تقل. وينطبق ذلك خاصة على القطاعات التي تتضمن الكثير من العمل المباشر مع العملاء، مثل الاستشارات، كما أنها ذات صلة وثيقة بالقطاعات التي تتضمن تعاملاً مع عملاء داخليين. وقد يشكل فقدان الظهور العام والعلامة التجارية الشخصية من خلال العمل عن بُعد عقبة خطيرة أمام التطوّر الوظيفي، فقد وجدت دراسات منفصلة لشركة صينية وأخرى أميركية قسمت موظفيها بين المكتب والعمل عن بُعد، أن العاملين في المكتب كانوا أكثر قابلية للحصول على الترقيات.