قال ابن عباس ومجاهد: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾؛ أي: لا يطعن بعضُكم على بعض، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَاب ﴾؛ أي: لا تداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخصَ سماعُها، وقوله جل وعلا: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾؛ أي: بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب - كما كان أهل الجاهلية يتناعتون - بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ ﴾؛ أي: من هذا ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [3]. وفي الآية دليل على أن غير التائب والمصر على المعاصي والذنوب يُعدُّ ظالمًا. [1] المفردات في غريب القرآن - الراغب الأصفهاني. السخرية من الناس (لا يسخر قوم من قوم). [2] رواه أبو داود والحاكم رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه - ص. ج رقم 4608. [3] مختصر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى - الصابوني ج 3 ص: 363.
الشيخ محمد صنقور قوله تعالى: ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾(1)، لماذا ذكرت الآية المباركة النساء ونهتهنَّ عن السخرية رغم أنَّ عنوان القوم يشمل النساء؟ والسؤال الآخر: ما هو سبب نزول هذه الآية المباركة؟ الجواب: يُطلقُ عنوان القوم بحسب الأصل اللغويِّ والاستعمال العرفيِّ عند العرب على خصوص جماعة الرجال دون النساء، ولذلك قال الشاعرُ العربي: وما أدري وسوف أخال أدري أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ فالشاعرُ استعمل عنوان القوم في الرجال دون النساء، وذلك بقرنية المقابلة. ومنشأُ إطلاق عنوان القوم على خصوص الرجال هو أنَّ القائمين بالمهمات هم الرجال عادةً دون النساء أو أنَّ الرجال هم القواَّمون على النساء، فهم الذين يقومون بشؤون رعايتِهن وحياطتِهن. وعليه ففي كلِّ موردٍ استُعمل فيه عنوان القوم في الأعمِّ من الرجال والنساء، فذلك لقيام قرينةٍ على إرادة ذلك، ففي مثل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ﴾(2) وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾(3) استُعمل فيها لفظ القوم في الأعمِّ من الرجال والنساء، وذلك لوضوح ،نّ الرُسل لا تُبعث للرجال دون النساء و،نَّ اللغة لا يختصُّ بها الرجال دون النساء.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}: تتتابع التوجيهات الربانية للمجتمع المسلم بما يكفل ترابط المجتمع وفشو روح المحبة والتعاون بين أفراده. نداء للمؤمنين بالامتناع التام والحذر من الوقوع في السخرية والاستهزاء من بعضهم فهذا مما يوغر الصدور وينمي العداوات, وعسى أن تسخر ممن هو أعلى منك شأناً عند الله وأفضل. ولا تتبادلوا النداء بقبيح الألقاب ولا يلمز أحدكم أخاه بكلمات فيها التقليل والاحتقار, فالمؤمن يحافظ على مشاعر إخوانه ويحرص على دوام مودتهم, ومن وقع في ذلك فإنما وقع في فسق يقلل من إيمانه, ومن أصر على مثل هذه المسالك فقد ظلم نفسه قبل إخوانه لما سيلاقيه من تبعات أفعاله يوم القيامة.
رابط تحميل اليوتيوب الخاص بالأجهزة الهواتف القديمة من هنا رابط تحميل برنامج اليوتيوب الخاص بالأجهزة الهواتف الذكية من هنا رابط حل جميع مشاكل YouTube إقرأ أيضًا.
استرجاع اليوتيوب القديم - YouTube