وقد كان -رحمه الله- كريمًا جوادًا بجانب غيرته على الحق، لا يخشى فيه لومة لائم. توفي بالقاهرة في صبيحة يوم الجمعة لتسعة أيام بقيت من صفر 702هـ، بعد أن عمّر 77 عامًا، قضاها في خدمة الدين الإسلامي الحنيف في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وقد دُفن يوم السبت، وكان يومًا مشهودًا عزيزًا في الوجود، وقد وقف جيش مصر ينتظر الصلاة عليه. آثار ابن دقيق العيد العلمية لقد ترك ابن دقيق العيد الكثير من المؤلفات في الحديث وعلوم الفقه، ما زالت تعتز بها المكتبة العربية حتى يومنا هذا. من هذه المؤلفات: كتاب الإلمام الجامع لأحاديث الأحكام، الإلمام في الأحكام في عشرين مجلدًا، وشرح لكتاب التبريزي في الفقه، وفقه التبريزي في أصوله. كما شرح مختصر ابن الحاجب في الفقه، ووضع في علوم الحديث كتاب الاقتراح في معرفة الاصطلاح. وله تصانيف في أصول الدين. كما كان ابن دقيق العيد -بجانب امتيازه في التدريس والفقه والتأليف- خطيبًا بارعًا، وله ديوان شعر ونثر لا يخرج عن طريقة أهل عصره الذين عرفوا بالسجع والمحسنات البديعة. المصدر: مجلة الفسطاط التاريخية، نقلاً عن مجلة الأمة، العدد 38، صفر 1404هـ. - المزيد من مقالات أعلام القضاة [1] السبكي: طبقات الشافعية 6/2، 3.
ابن دقيق العيد هو محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري القوصي، فقيه عربي ولد سنة 1228ميلادي في مكة المكرمة وتوفي عام 1302 ميلادي في مدينة القاهرة، حفظ القرآن الكريم وتعلم الفقه على أيدي أساتذة كبار، وله العديد من الكتب والمؤلفات في مجال علوم الفقه والتي تزين المكتبة العربية حتى هذا اليوم مما يدل على براعته في مجال الفقه والحديث ومدى قيمة وأهمية هذه المؤلفات. مولد ابن دقيق العيد ونشأته عندما كان والده الشيخ مجد الدين القشيري ذاهبًا لأداء فريضة الحج، ولد ابن دقيق العيد، وهم في الطريق إلى مكة المكرمة سنة 625 هِجْرِيًّا وعندما وصلوا حمله والده وطاف به وأخذ يدعو الله أن يصبح ابنه عالمًا عاملًا وقد كان وتحققت دعوته. نشأ في مدينة قوص بصعيد مصر في أسرة من أكبر وأكرم أسر الصعيد، كان تلميذًا نابغًا عند أساتذته وجميعهم تنبؤا له بالمستقبل المشرق وأنه سيحدث فارق في علوم الفقه والحديث، عاش شبابًا نَقِيًّا كان شَابًّا ذا مكارم أخلاق ظاهره كباطنه طهورًا. قضى شبابه في حفظ القرآن والتطلع إلى كل ما هو جديد في العلوم فقد درّس بالمدرسة الفاضلية، والمدرسة التكاملية، ودرس بدار الحديث بمدينة قوص، اتبع مذهب الإمام مالك وتفقه على يد أبيه، ثم تعلم مذهب الإمام الشافعي على يد أحد تلامذة أبيه.
معلومات عن ابن دقيق العيد ابن دقيق العيد العصر المملوكي poet-Bin-Daqiq-Al-Eid@ محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقي الدين القشيري، المعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد. قاض، من أكابر العلماء بالأصول، مجتهد. أصل أبيه من منفلوط (بمصر) انتقل إلى قوص، وولد له صاحب الترجمة في ينبع (على ساحل البحر الأحمر) فنشأ بقوص، وتعلم بدمشق والإسكندرية ثم القاهرة. وولي قضاء الديار المصرية سنة 695هـ، فاستمر إلى أن توفي (بالقاهرة) وكان مع غزارة علمه، ظريفاً، له أشعار وملح وأخبار. له تصانيف، منها (إحكام الأحكام -ط) مجلدان، في الحديث، و(الإلمام في أحاديث الأحكام -خ) صغير، وله (الاقتراح في بيان الاصطلاح -خ)، و(تحفة اللبيب في شرح التقريب -ط)، و(شرح الأربعين حديثاً للنووي-خ)، و(اقتناص السوانح) فوائد ومباحث مختلفة، و(شرح مقدمة المطرزي) في أصول الفقه، وكتاب في (أصول الدين).
ولازم سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبدالسلام حتى وفاته، وأخذ عنه الأصول وفقه الإمام الشافعي، وسمع الحافظ عبدالعظيم المنذري، وعبدالرحمن البغدادي البقال، ثم سافر بعد ذلك إلى دمشق وسمع بها من الشيخ أحمد عبدالدايم وغيره، ثم اتجه إلى الحجاز ومنه إلى الإسكندرية فحضر مجالس الشيوخ فيهما، وبلغ غايته في شتى أنواع العلوم والمعرفة الإسلامية. وقد جمع بين فقهي الإمامين مالك والشافعي، ومكث بالقاهرة فترة يسيرة، اتجه على إثرها إلى مسقط رأسه قوص، حيث تقلد منصب التدريس بالمدرسة النجيبية، وهو لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره، فالتف حوله المريدون. وقد عُرف بغزارة علمه وسعة أفقه، فذاع صيته بين الناس، حتى إن والي قوص أسند إليه منصب القضاء على مذهب الإمام مالك. ثم اتجه بعد ذلك إلى القاهرة، وقام فيها بالتدريس بالمدرسة الفاضلية، والكاملية، والصالحية، والناصرية. قاضي القضاة حينما توفي قاضي القضاة في مصر، وهو التقي عبدالرحمن بن بنت الأعز في ثامن عشر جمادى الأولى سنة 695هـ، وذلك في عهد السلطان منصور بن لاجين، تقلد ابن دقيق العيد هذا المنصب لمدة سبع سنوات، بلغت فيها شخصيته مكانة مرموقة في الديار المصرية. وكان في قضائه وآرائه وفتواه مثلاً أعلى للصدق والعدالة والنزاهة، لا يخشى في الحق لومة لائم أو بطش سلطان.