فالمشرك لا يرجو بعثًا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، واليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي، بما صنع بما عنده من العلم ( انظر: تفسير ابن كثير) فهذا الجنس وما شاكله هم شر الناس، فتجده ينتشر بينهم: الجشع، والطمع، وقهر الشعوب، واستعبادهم، وسلب ثرواتهم؛ حرصًا منهم على التمتع بلذات الحياة الدُّنيا، ولهذا يظهر بينهم الانحلال الخلقي، والسلوك البهيمي. وهم إذا رأوا الحياة الدُّنيا تربو متاعبها وآلامها على ما يأملون من لذات عاجلة؛ لم يكن لديهم أي مانع من الإقدام على الموت، فهم لا يقدرون مسؤولية في حياة أخرى، فليس لديهم ما يمنع من إقدامهم على التخلص من هذه الحياة.
فالمؤمن قوي الإيمان لا يحسُّ بحرارة النار, ولا كأنه مر عليها, حتى ورد في بعض الآثار أن النار تقول: جُزيا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي, وذلك في أثناء العبور فيمر الناس على هذا الصراط على قدر أعمالهم في الدنيا وعلى قدر تمسكهم بالصراط المستقيم في الدنيا, فإن هنا صراطاً مستقيماً في الدنيا, وصراطاً مستقيماً في الآخرة, إلا أن صراط الدنيا معنوي, وصراط الآخرة حسي, فالذي يتمسك بالصراط المعنوي, يوفق للسير والسلوك على الصراط الحسي. فإذا وفق العبد لهذا الصراط, وتجنب طريق أهل الغضب وأهل الضلال, فإنه يسير في الآخرة على الصراط الحسي سيراً مستقيماً, لكن على قدر تمسك الناس.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
وقد قسّم العلماء علامات اليوم الآخر إلى علاماتٍ صغرى وأخرى كبرى؛ فالصغرى هي ما دلّت على اقتراب يوم القيامة، ووقع أغلبها؛ كبِعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثرة القتل، وضياع الأمانة، وغيرها من العلامات الواردة في النّصوص الشّرعية الصحيحة، أمّا العلامات الكبرى فهي أقرب للساعة من الصغرى، وتُنذر ببدء الساعة؛ ومنها خروج المهدي، وظهور الدجّال، ونزول نبي الله عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، وغيرها من العلامات الواردة في النصوص الشّرعية الصحيحة، وهذه الأمارات تأتي مُتتابعةً وراء بعضها، فإن انتهت بعث الله العباد من القبور.
والله مدح المؤمنين بأنهم يصدقون بيوم الدين، ومدحهم فقال: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) [المائدة: 55].