ثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) قال: إقباله، ويقال: إدباره. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ): إذا أدبر. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( إِذَا عَسْعَسَ) قال: إذا أدبر. معنى والليل اذا عسعس. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِذَا عَسْعَسَ) إذا أدبر. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مسعر، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، قال: خرج عليّ عليه السلام بعد ما أذّن المؤذّن بالصبح، فقال: ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) أين السائل عن الوتر؟ قال: نعم ساعة الوتر هذه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) قال: عسعس تولى، وقال: تنفس الصبح من هاهنا، وأشار إلى المشرق طلاع الفجر. وقال آخرون: عُني بقوله: ( إِذَا عَسْعَسَ) إذا أقبل بظلامه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) قال: إذا غَشِيَ الناسَ.
القول في تأويل قوله تعالى: ( والليل إذا عسعس ( 17) والصبح إذا تنفس ( 18) إنه لقول رسول كريم ( 19) ذي قوة عند ذي العرش مكين ( 20)). أقسم ربنا جل ثناؤه بالليل إذا عسعس ، يقول: وأقسم بالليل إذا عسعس. واختلف أهل التأويل في قوله: ( والليل إذا عسعس) فقال بعضهم: عني بقوله: ( إذا عسعس) إذا أدبر. والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس. ذكر من قال ذلك: حدثني علي ، قال: ثنا أبو صالح ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: ( والليل إذا عسعس) يقول: إذا أدبر. حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( والليل إذا عسعس) يعني: إذا أدبر. حدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري ، قال: ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل [ ص: 256] بن أبي خالد ، عن رجل عن أبي ظبيان ، قال: كنت أتبع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو خارج نحو المشرق ، فاستقبل الفجر ، فقرأ هذه الآية: ( والليل إذا عسعس). حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، قال: خرج علي عليه السلام مما يلي باب السوق ، وقد طلع الصبح أو الفجر ، فقرأ: ( والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) أين السائل عن الوتر ، نعم ساعة الوتر هذه.
قال علقمة بن قرط: حتى إذا الصبح لها تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا ( 2) وقيل: عسعس دنا من أوله واظلم، والعس طلب الشئ بالليل، عس يعس عسا، ومنه أخذ العسس. وقال صاحب العين: العس نقض الليل عن أهل الريبة والعس قدح عظيم من خشب أو غيره، وكأن أصله امتلاء الشئ بما فيه، فقدح اللبن من شأنه أن يمتلئ به، ويمتلي، الليل بما فيه من الظلام، وعسعس أدبر بامتلاء ظلامه. وقال الحسن (والليل إذا عسعس) معناه إذا أظلم والصبح إذا تنفس إذا أسفر. والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس. وقوله (والصبح إذا تنفس) قسم آخر بالصبح إذا أضاء وامتد ضوءه يقال: تنفس الصبح وتنفس النهار إذا امتد بضوئه، والتنفس امتداد هواء الجوف بالخروج من الفم والانف يقال: تنفس الصعداء وقوله (إنه لقول رسول كريم) جواب الاقسام التي مضت، ومعنى (انه لقول) يعني القرآن (رسول كريم) وهو جبرائيل عليه السلام - في قول قتادة والحسن - بمعنى إنه سمعه من جبرائيل، ولم يقله من قبل نفسه. وقال: يجوز أن يراد به محمد صلى الله عليه وآله فإنه أتى به من عند الله. وقوله (ذي قوة) معناه قوي على أمر الله. وقيل: معناه قوي في نفسه - في قول من قال: عنى به جبرائيل - لان من قوته قلبه قريات لوط بقوادم أجنحته. وقوله (عند ذي العرش) معناه عند الله صاحب العرش (مكين) أي متمكن عنده وفي الكلام تعظيم للرسول بأنه كريم، وأنه مكين عند ذي العرش العظيم وأن الله تعالى أكد ذلك أتم التأكيد.
و (العالمين) جمع عالم. وقد فسرناه في ما مضى. وقوله (لمن شاء منكم ان يستقيم) على أمر الله ووعظ. وقوله (وما تشاؤه إلا أن يشاء الله رب العالمين) قيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها: وما تشاؤن من الاستقامة إلا وقد شاءها الله، لأنه قد جرى ذكرها فرجعت الكناية إليها، ولا يجوز أن يشاء العبد الاستقامة إلا وقد شاءها الله، لأنه أمر بها ورغب فيها أتم الترغيب، ومن ترغيبه فيه إرادته له. الثاني: وما تشاؤن شيئا إلا أن يشاء الله تمكينكم منه، لان الكلام يقتضي الاقتدار على تمكينهم إذا شاء ومنعهم إذا شاء. الثالث: وما تشاؤن إلا أن يشاء الله ان يلطف لكم في الاستقامة لما في الكلام من معنى النعمة. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال شيبتني (هود) وأخواتها (الواقعة) و (إذا الشمس كورت) وهو جميع ما وعظ الله به عباده. فان قيل: أليس ان أنسا لما سئل هل اختضب رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما شأنه الشيب، فقال: أو شين هو يا أبا حمزة. فقال كلكم يكرهه؟ قيل عنه جوابان: أحدهما: أنه روي أن عليا عليه السلام لما غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وجد في لحيته شعرات بيضاء، وما لا يظهر إلا بعد التفتيش لا يكون شيبا. القران الكريم |وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ. الثاني: أنه أراد لو كان أمر يشيب منه إنسان لشبت من قراءة ما في هذه السورة، وما فيها من الوعيد كما قال (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) ( 4) وإنما أراد عظم الأهوال على ما بيناه.