[9] بهذا نختتم مقال ماذا يقال عند زيارة قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد بيّنا فيه حكم زيارة قبر النبي، وبيّنا فيه ما يستحبّ فعله في الروضة الشريفة، كما تعرّفنا على ماذا يقرأ عند زيارة القبور، وحكم زيارة قبر النبي للنساء وآداب زيارته على المسلمين، وختم المقال ببيان كيف أصبح قبر النبي داخل مسجده.
وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول: زيارة المقابر مندوب إليها في جميع الأوقات؛ لأن الأمر بها جاء مطلقًا، فشمل ذلك جميع الأوقات، وتزيد أفضلية زيارتها في الأيام المباركة التي يلتمس فيها مزيد العطاء من الله تعالى، ومنها أيام العيدين؛ لما في ذلك من استشعار معاني الصلة والبر، والدعاء بالرحمة والمغفرة لمن توفي من الأهل والأقارب، ولْيُراعَ عدم تعمد إثارة الأحزان، وعدم التلفظ بألفاظ الجاهلية والاعتراض المنهي عنهما
[5] حرمة زيارة القبور للنساء أخذ بهذا الرأي بعض من الحنفية وهو كذلك قول عند الشافعية وابن تيمية وذهب إليه ابن باز وابن عثيمين، مستدلين بحديث لعن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، وكذلك فإنّ صوت المرأة وصورتها محل فتنة للرجال وقد لا تستطيع المرأة إمساك نفسها عند المصائب، والله أعلم. [5] إباحة زيارة القبور للنساء ذهب أصحاب هذا القول وهم مذهب الحنفية وقول عند المالكية وقول عند الشافعية ورواية عند الإمام أحمد بن حنبل إلى إباحة زيارة المرأة للقبور، مستدلين بحديث نبوي شريف ذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه كان قد نهى عن زيارة القبور، والآن رفع أمر النهي، ومن الحكمة بمكان زيارة القبور لأنّها تذكر في الأخرة وتلين القلب والنفس. [5] شاهد أيضًا: من هو النبي الذي ابتلعه الحوت حكم البكاء عند زيارة القبور إنّ حكم البكاء عند زيارة القبور هو جائز باتفاق أئمة أهل العلم والمنهي عنه هو النوح والندب مثل شق الثياب والعويل والتذمر على قدر الله تعالى، أمّا البكاء من دون صوت أو من دون عويل فإنّه لا بأس به، بل هو مطلوب من أجل ترقيق القلب وترقيق النفس وهو ما يليق بمكان مثل القبور قد غادر النّاس فيه دار الدنيا وصاروا عند الله أرحم الراحمين.
السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله هل يوجد أحاديث صحيحة عن زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فليس هناك حديث صحيح يدل على فضيلة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص، وقد رويت بعض الأحاديث في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم منها: - « من زارني بعد مماتي، فكأنما زارني في حياتي ». - ومنها: « من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة ». - ومنها: « من زار قبري وجبت له شفاعتي ». وهذه الأحاديث وأشباهها ذكرها الحافظ ابن حجر في التلخيص ثم قال: طرق هذه الأحاديث كلها ضعيفة. زيارة مسجد الرسول وقبره حكمها وآدابها - فقه. وقال الحافظ العقيلي: لا يصح في هذا الباب شيء، بل قد جزم شيخ الإسلام ابن تيمية أن الأحاديث التي وردت في فضل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها موضوعة، علماً بأن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخلة في عموم الأحاديث التي استحبت زيارة القبور بوجه عام للرجال مثل: قوله صلى الله عليه وسلم: « كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم بالآخرة » (رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن عبد الله بن بريدة عن أبيه).
س: ما حكم السفر لزيارة قبر النبي ﷺ وغيره من قبور الأولياء والصالحين وغيرهم؟ ج: لا يجوز السفر بقصد زيارة قبر النبي ﷺ أو قبر غيره من الناس في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي ﷺ: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى متفق عليه. والمشروع لمن أراد زيارة قبر النبي ﷺ وهو بعيد عن المدينة أن يقصد بالسفر زيارة المسجد النبوي، فتدخل زيارة القبر الشريف وقبري أبي بكر وعمر والشهداء وأهل البقيع تبعا لذلك، وإن نواهما جاز؛ لأنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا. حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم - الإسلام سؤال وجواب. أما نية القبر بالزيارة فقط فلا تجوز مع شد الرحال، أما إذا كان قريبا لا يحتاج إلى شد رحال ولا يسمى ذهابه إلى القبر سفرا فلا حرج في ذلك؛ لأن زيارة قبره ﷺ وقبر صاحبيه من دون شد رحال سنة وقربة، وهكذا زيارة قبور الشهداء وأهل البقيع، وهكذا زيارة قبور المسلمين في كل مكان سنة وقربة، لكن بدون شد الرحال لقول النبي ﷺ: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة أخرجه مسلم في صحيحه. وكان ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية أخرجه مسلم أيضا في صحيحه [1].
استحباب زيارة المقابر يوم العيد فأما عن استحبابها في يوم الجمعة، فقد تواردت النصوص أن من زار قبر أبويه كل جمعة غفر له وكُتب بارًّا: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ غُفِرَ لَهُ، وَكُتِبَ بَرًّا» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط". وعن ابن عيينة عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ كُلَّ جُمُعَةٍ" أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في "المصنف". كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وهي حاجة وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ورأي جمهور الفقهاء على استحباب زيارة مقابر أهل البقيع من آل البيت الكرام، وصحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم، وذلك عقيبَ مناسك الحج؛ لِمَا في موافقة ذلك من شرف مجاورة أيام الحج المباركة. وبحسب فتوي دار الافتاء فإذا ورد استحباب زيارة المقابر في بعض الأيام لما فيها من مزيد فضل على غيرها، فإن القول بزيارتها في أيام العيدين أولى بالجواز والمشروعية؛ فإن يومي العيدين تزيد أفضليتهما وبركتهما ورجاء قبول الدعاء فيهما، فيتأكد فيهما استحباب الزيارة إذا التزم المسلم آدابَها وتقيد بضوابط الشرع فيها.
رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. وقال العلامة ابن باز -رحمه الله- في التقييد والإيضاح: ليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، ولا شرطاً في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كان قريباً منه. أما البعيد عن المدينة، فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف. والله أعلم.