سمعت شقيقا يقول: الكسل عون على الزهد. وقال أبو تراب: قال شقيق لحاتم: مذ صحبتني ، أي شيء تعلمت [ ص: 486] مني ؟ قال: ست كلمات: رأيت الناس في شك من أمر الرزق ، فتوكلت على الله. قال الله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. ورأيت لكل رجل صديقا يفشي إليه سره ، ويشكو إليه ، فصادقت الخير ليكون معي في الحساب ، ويجوز معي الصراط. ورأيت كل أحد له عدو ، فمن اغتابني ليس بعدوي ، ومن أخذ مني شيئا ليس بعدوي; بل عدوي من إذا كنت في طاعة ، أمرني بمعصية الله ، وذلك إبليس وجنوده ، فاتخذتهم عدوا وحاربتهم. ورأيت الناس كلهم لهم طالب ، وهو ملك الموت ، ففرغت له نفسي. ونظرت في الخلق ، فأحببت ذا ، وأبغضت ذا. فالذي أحببته لم يعطني ، والذي أبغضه لم يأخذ مني شيئا ، فقلت: من أين أتيت ؟ فإذا هو من الحسد فطرحته ، وأحببت الكل ، فكل شيء لم أرضه لنفسي لم أرضه لهم. الفرق بين مصطلح الصم والبكم... وتمكين الصم اجتماعياً - صحيفة الوطن. ورأيت الناس كلهم لهم بيت ومأوى ، ورأيت مأواي القبر ، فكل شيء قدرت عليه من الخير قدمته لنفسي لأعمر قبري. فقال شقيق: عليك بهذه الخصال. قال أبو عبد الله الخواص: دخلت مع حاتم الأصم الري ، ومعنا ثلاثمائة وعشرون رجلا نريد الحج ، عليهم الصوف والزربنانقات ، ليس معهم جراب ولا طعام.
فأَرى من نفسه: أنه أصمُّ، فسرَّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوت، فغلب عليه اسم الصمم. » [4] أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي ، رحمه الله، قال: سمعت أبا علي ّسعيد بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت خالي محمد بن الليث يقول: سمعت حامداً اللقاف يقول: سمعت حاتماً الأصم َّ يقول: « ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ماذا تأكل؟ وماذا تلبس؟ وأين تسكن؟ فأقول له، آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر. » [4] وبإسناده قيل له: « ألا تشتهي؟ فقال: أشتهي عافية يوم إلى الليل. فقيل له: أليست الأيام كلها عافية؟ فقال: إن عافية يومي، أن لا أعصي االله فيه. » [4] وحكي عن حاتم الأصمَّ ، أنه قال: « كنت في بعض الغزوات، فأخذني شخص فأضجعني للذبح فلم يشتغل به قلبي، بل كنت أنظر ماذا يحكم الله تعالى فيَّ. من هو الاصمعي. فبينما هو يطلب السكين من حقِّه أصابه سهم غرْب. فقتله، وطرحه عني فقمت. ً » [4] سمعت عبد الله بن يوسف الأصبحاني يقول: سمعت أبا نصر منصور ابن محمد بن إبراهيم الفقي يقول: سمعت أبا محمد جعفر بن محمد بن نصير يقول: روي عن حاتم أنه قال: « من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موتاً أبيض، وهو الجوع.