أمّا قائد المعركة سعد فكان يعاني من جروج في فدميه ولم يستطيع القتال ولكنه باشر وتابع المعركة من بعيد ، وعندما رأي أبا محجن عجب و استغرب من قوة قتاله وقال:الضرب ضرب أبي محجن ،والكر كر البلقاء ،و أبو محجن في القيد ، والبلقاء في الحبس. ولكن عندما انتهى القتال ظلّ أبي محجن على عهده و وعده لزوجة سعد وعاد و وضع القيد في قدمه ،ونزل سعد فرأى العرق علي فرسه ، فقال ما هذا ؟فقالوا له قصة أبي محجن فعفا عنه وفك أسره ،واطلق سراحه ،و قال: والله لا جلدتك في الخمر أبداً وقال أبو محجن:والله لا شربت الخمر أبداً.
فلما هُزِم العدو رجع أَبو محجن حتى وضع رجله في القيد، فأخبرت ابنة خصفة سعْدًا بالذي كان من أَمره، فقال: والله ما أَبْلَى أَحد من المسلمين ما أبلى في هذا اليوم، لا أضرب رَجُلًا أَبلى في المسلمين ما أبلى. قال: فخَلّى سبيله. قال أَبو محجن: قد كنت أَشربها إذ يُقام عليّ الحد وأطهر منها، فأما إذ بَهْرَجَتْنِي فوالله لا أشربها أبدأُ. (< جـ4/ص 309>)
فلما كان يوم "قس" النّاطف بالقادسية، والتحم القتال، سأل أبو مِحْجن امرأة سَعد أَنْ تحلَّ قيده وتعطيه فرس سعد، وعاهَدَها أنه إن سلم عاد إلى حاله من القيد والسِّجن، وإن استشهد فلا تَبِعَةَ عليه؛ فخلَّت سبيله، وأعطته الفرس، فقاتل أيام القادسية وأبلى فيها بلاءً حسنًا، ثم عاد إلى محبسه. وكانت القادسيّة أيام مشهورة، منها يوم "قس" النّاطف، ومنها يوم أَرماث، ويوم أَغواث، ويوم الكتائب، وغيرها.
رَأَيْتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا مَنَاقِبُ تُهْلِكُ الرَّجُلَ الحَلِيمَ فَلَا وَاللهِ أَشْرَبُها حَيَاتِي وَلَا أَشَفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيما أبو محجن الثقفي والخمر أبو محجن قبل إسلامه كان يجاهر بشربه للخمر، ويبين بما يضفيه الخمر عليه من فرح وسرور، وكان يقول بأن مجاهرته لشرب الخمر حرية شخصية ولا علاقة لأحد به، وانه كان يبرر ذلك بقوله: إن ما تسعد به النفس وتفرح لا عيب فيه ولا حرج. أبو محجن الثقفي - ويكيبيديا. حتى روي والله اعلم ان بعد إسلامه ظل مستمر في شرب الخمر وانه قد تعرض للنقد الشديد وعلى الرغم من الحد الذي كان يقام عليه، ومع هذا كله لم يتركه، وكان يبرر ذلك بأنه لا يؤذي أحد، فلا حق لأي أحد أن يمنعه عن ذلك. ما قاله لا يتناسب مع الشريعة الإسلامية ابداً، لذلك فان هذا مردود ويقال ان ليس له اساس من الصحة. وذكر ابْنُ الكَلْبِيِّ، عن عوانة قال؛ دخل عبيد بن أبي مِحْجن على عبد الملك بن مروان ، فقال: أبوك الذي يقول إِذَا مِتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْبِ كَرْمَةٍ تُرَوِّي عِظاَمِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا فذكر قصته. وأوردها ابْنُ الأَثِيرِ بلفظ: قيل إنَّ ابنًا لأبي محجن دخل على معاوية فقال له: أبوك الذي يقول… فذكر البيت، وبعده: وَلَا تَدْفِنَنِّي بِالفَلَاةِ فَإِننّي أَخَافُ إِذَا مَا مِتُّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا قال: لو شئتُ لقلت أحسن مِنْ هذا من شعره.