ثم أطلقهما الأمير بعد أن أرسل أهل إشبيلية جبايتها إلى الأمير، على أن يترك ابن حجاج ابنه عبد الرحمن رهينة عند الأمير، وأن يقتسم إبراهيم بن حجاج وكريب بن خلدون ولاية إشبيلية. ولم يمض وقت طويل حتى غدر ابن حجاج بكريب بن خلدون فقتله، وانفرد بولاية إشبيلية، ثم سأل الأمير أن يطلق له ولده، فلم يجبه إلى ذلك. حينئذ، لجأ إلى إظهار التحالف مع ابن حفصون، وفي الوقت نفسه أرسل من يشير على الأمير بإطلاق ولده، فوافق الأمير وعاد ابن حجاج لطاعته، وإن كانت طاعة إسمية، حيث أصبحت إشبيلية وقرمونة وما حولهما منطقة حكم شبه ذاتي لبني حجاج، تخضع اسميًا لسلطة الأمير. [8] التهب عصر الأمير عبد الله بن محمد بالثورات في العديد من مدن الإمارة، فبالإضافة إلى تغلّب ابن حفصون على ببشتر وما والاها، وبنو حجاج على إشبيلية وقرمونة. استطاع ديسم بن إسحاق السيطرة على لورقة ومرسية ومعظم كورة تدمير ، وسيطر عبيد الله بن أمية على كورة جيان ، وبكر بن يحيى على شنتمرية الغرب ، وابن خصيب على لبلة ، ومحمد بن عبد الملك الطويل على بربشتر وبربطانية ولاردة وأريولة. واستمر حكم عبد الرحمن بن مروان الجليقي وبنوه لبطليوس وماردة وما حولهما، وبنو قسي على طليطلة وما والاها.
الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس الفصل الثاني: عهد الأمراء الأمويين سادساً: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن * عام 275 هـ - 888 م جاءته الإمارة بعد وفاة أخيه المنذر، وكان يحاصر ابن حفصون، فطلب إليه الصلح على أن يرفع الحصار عنه، فوافق عبد الله على ذلك، ومضى إلى قرطبة ليدير شؤون إمارته، وفي حكمه أضيفت دويلة جديدة إلى قائمة الدويلات المنفصلة في عهد أخيه. بوابة قصر في إشبيلية * عام 276 هـ - 889 م ثورة كريد بن عثمان: - ثار في (إشبيلية) كُريد بن عثمان على والي الأمويين أمية بن عبد الغافر الذي لم يستطع أن يفعل شيئاً لإخماد ثورة كريد، فطلب كريد العون من "ماردة" في الغرب وعليها رجل يدعى "جيليقين"، فأرسل هذا مدداً قوياً مما مكّن كريداً أن يبسط سيطرته الكاملة على إشبيلية ويقتل واليها أمية. - وكان هذا تمزقاً جديداً في جسم الأندلس، وأضيفت مدينة جديدة إلى المتمردين العصاة. * عام 277هـ - 890 م ثورة خير بن شاكر: - وثار في عام 277 هـ رجل يدعى خير بن شاكر وسيطر على مدينة "جيّان" لكن ابن حفصون المتمرد حاول أن يتقرب إلى الإمارة الأندلسية لتقر بثورته وتعترف بها، فأرسل رجلاً يدبر اغتيال ابن شاكر فقتله، وأرسل ابن حفصون إلى الأمير عبد الله بعد مقتله يظهر حسن نواياه، يسأله الصلح والمعاهدة، لكنه قوبل بالرفض.
[ ص: 210] محمد بن عبد الله ( د ، ت ، س) ابن حسن ابن السيد الحسن بن علي بن أبي طالب ، الهاشمي ، الحسني ، المدني الأمير الواثب على المنصور هو وأخوه إبراهيم. حدث عن نافع ، وأبي الزناد. وعنه عبد الله بن جعفر المخرمي ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعبد الله بن نافع الصائغ. وثقه النسائي وغيره. حج المنصور سنة أربع وأربعين ومائة ، فاستعمل على المدينة رياحا المري وقد قلق لتخلف ابني حسن عن المجيء إليه. فيقال: إن المنصور لما كان حج قبل أيام السفاح ، كان فيما قال محمد بن عبد الله ، إذ اشتور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له بالخلافة ، حين اضطرب أمر بني أمية: كان المنصور ممن بايع لي. وسأل المنصور زيادا متولي المدينة عن ابني حسن ، قال: ما يهمك منهما ، أنا آتيك بهما. وقال عبد العزيز بن عمران: حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار قال: استخلف المنصور ، فلم يكن له هم إلا طلب محمد والمسألة عنه. فدعا بني هاشم واحدا واحدا ، يخلو به ويسأله فيقول: يا أمير المؤمنين ، قد عرف أنك قد عرفته يطلب هذا الشأن قبل اليوم. فهو يخافك ، وهو الآن لا يريد لك خلافا. [ ص: 211] وأما حسن بن زيد بن حسن فأخبره بأمره وقال: لا آمن أن يخرج.
2- مملكة "جيليقية" التي انفصلت عن ليون ويحكمها "أدونيو" في أقصى شمال غرب الأندلس. 3- مملكة "استرياس" ويحكمها "فرُويلة" في أقصى الشمال. 4- مملكة "نافار" في وسط الشمال. 5- بالإضافة إلى الفرنسيين (الفرنج) في شمال شرق الأندلس. جندي من جيش القوط * وفاة عبد الله بن محمد: - دام حكم عبد الله بن محمد الأول خمسة وعشرون عاماً 275 - 300هـ حيث توفي في قرطبة عام 300هـ رحمه الله، وكان آخر الأمراء، وقد تمتع بالصفات الحسنة والأخلاق العظيمة، وكان ورعاً متواضعاً محباً للخير، كثير العناية بشؤون الحكم وتوطيده، فنشر العدل ورفع الظلم، وكان ينظر في المظالم بنفسه، كما وصفه المؤرخون. درهم أندلسي في عهد عبد الله بن محمد الأول عهد المنذر بن محمد وعبد الله بن محمد * ملخص أحداث عهد الأمراء الأمويين: 172 هـ تولى هشام بن عبد الرحمن (الرضا) إمارة الأندلس. 173هـ ثار عليه أخوه فانتصر هشام ثم تصالحا. 180هـ وفاة هشام (الرضا) تولي الحكم بن هشام (الربضي) للإمارة. 181هـ ثار عليه عماه سليمان وعبد لله فقتل سليمان وتصالح مع عبد الله. ثورة المولدين ولكنه تمكن من إخمادها. 206هـ وفاة الحكم بن هشام الربضي. إمارة عبد الرحمن بن الحكم (الأوسط).
فتراءى له عقبة وغمزه فأبلس عبد الله ، وقال: أقلني يا أمير المؤمنين أقالك الله! قال: كلا وسجنه. [ ص: 212] وقيل: إنه قال له: أرى ابنيك قد استوحشا مني. وإني لأحب قربهما ، قال: ما لي بهما علم. وقد خرجا عن يدي. وقيل: هم الأخوان باغتيال المنصور بمكة ، وواطأهما قائد كبير ، ففهم المنصور ، فتحرز ، وهرب القائد وتحيل المنصور من زياد فقبض عليه ، واستعمل على المدينة محمد بن خالد القسري ، وبذل له أزيد من مائة ألف دينار إعانة ، فعجز ، فعزله برياح بن عثمان بن حيان المري. وعذب القسري. فأخبر رياح بأن محمد بن عبد الله في شعب رضوى من أرض ينبع. فندب له عمرو بن عثمان الجهني ، فكبسه ليلة ، ففر محمد ومعه ولد ، فوقع من جبل من يد أمه فتقطع ، وفيه يقول أبوه: منخرق السربال يشكو الوجى تنكبه أطراف مرو حداد شرده الخوف وأزرى به كذاك من يكره حر الجلاد قد كان في الموت له راحة والموت حتم في رقاب العباد وتتبع رياح بني حسن واعتقلهم. فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن ، وهما عما محمد وحسن بن جعفر بن حسن بن حسن. وسليمان بن داود بن حسن بن حسن ، وأخاه عبد الله ، ومحمدا ، وإسماعيل وإسحاق أولاد إبراهيم المذكور وعباس بن حسن بن حسن بن حسن ، وأخاه عليا العابد وقيدهم.
مصادر [ عدل] ابن القوطية, أبو بكر محمد بن عمر (1989)، تاريخ افتتاح الأندلس ، دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت، ISBN 977-1876-09-0. ابن عذاري, أبو العباس أحمد بن محمد (1980)، البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب ، دار الثقافة، بيروت. ابن حزم, علي (1987)، رسائل ابن حزم الأندلسي - الجزء الثاني ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق إحسان عباس. القضاعي, ابن الأبّار (1997)، الحلة السيراء ، دار المعارف، القاهرة، ISBN 977-02-1451-5. عنان, محمد عبد الله (1997)، دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول ، مكتبة الخانجي، القاهرة، ISBN 977-505-082-4.
وفي عام ١٣٧٧هـ طلب الإعفاء من منصب القضاء، وتفرغ للعبادة وتعليم الناس. ثم أنشئت الرئاسة العامة للإشراف الديني على المسجد الحرام فاختاره الملك فيصل - رحمه الله - رئيساً للإشراف الديني على المسجد الحرام، ومدرساً فيه، ومفتياً، فنفع الله بعلمه الأمة. وفي عام ١٣٩٥هـ عينه الملك خالد - رحمه الله - رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وعضواً في هيئة كبار العلماء، ورئيساً للمجمع الفقهي وعضواً في المجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي. مؤلفاته: للشيخ - رحمه الله - مؤلفات كثيرة من أبرزها: التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية. الدعوة إلى الله وجوبها وفضلها وأخلاق الدعاة. الدعوة إلى الجهاد في القرآن والسنة. من محاسن الإسلام. توجيهات إسلامية. الرسائل الحسان والرد على يسر الإسلام. غاية المقصود في الرد على ابن محمود. تبيان الأدلة في إثبات الأهلة وهداية المناسك. كمال الشريعة. دفاع عن الإسلام. الإبداع في شرح خطبة الوداع. وله فتاوى كثيرة متفرقة. وفاته: توفي في يوم الأربعاء ٢٠ من ذي الحجة غام ١٤٠٢هـ، وصُلي عليه في المسجد الحرام، وخرج في جنازته خلقٌ كثير. وقد فقدت المملكة والعالم الإسلامي بأسره - بوفاته - عَلَمَاً من أعلام الإسلام، وإماماً.