الحمد لله. أولا: هذه القراءة ينقلها بعض المفسرين في كتبهم ، ولم نقف عليها مسندة إلا عند أبي عبيد القاسم بن سلام بسنده في " فضائل القرآن " (رقم/548) قال: حدثنا مروان بن معاوية ، عن محمد بن أبي حسان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ: ( والشمس تجري لا مستقر لها). ومحمد بن أبي حسان هذا: لم نقف على ترجمة له ، إلا أن يكون هو محمد بن سعيد الشامي المصلوب بالزندقة ، فقد كان يسمى أحيانا: محمد بن أبي حسان. كما في " ميزان الاعتدال " (3/561)، فإن يكن هو فلا يخفى حكم هذا الإسناد بعد ذلك. والشمس تجري لمستقر لها الاعجاز العلمي. يقول القرطبي رحمه الله: " وقرأ ابن مسعود وابن عباس: ( والشمس تجري لا مستقر لها) أي: إنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار ، إلى أن يكورها الله يوم القيامة. وقد احتج من خالف المصحف فقال: أنا أقرأ بقراءة ابن مسعود وابن عباس. قال أبو بكر الأنباري: وهذا باطل مردود على من نقله ؛ لأن أبا عمرو روى عن مجاهد عن ابن عباس ، وابن كثير روى عن مجاهد عن ابن عباس: ( والشمس تجري لمستقر لها) فهذان السندان عن ابن عباس اللذان يشهد بصحتهما الإجماع يبطلان ما روي بالسند الضعيف مما يخالف مذهب الجماعة ، وما اتفقت عليه الأمة.
هؤلاء حينئذٍ تمنوا حرق موسى بأنفاسهم النارية، لكن الرب نشر تألق عظمته على موسى، وقال له: "امسك بشدة عرشي، وجاوبْهم. " عندما صار الملائكة مدركين وجود موسى في السماء، قالوا لله: "ماذا يفعل الذي وُلِدَ من امرأة هنا؟" وأجاب اللهُ كالتالي: "لقد جاء لاستلام التوراة. " فاستمر الملائكة وقالوا علاوة على ذلك: "يا ربّ، اقنع نفسك بالكائنات السماوية، دعهم يأخذون التوراة، ماذا ستكون أنت بالمقارنة مع سكان التراب؟" ثم يجيبهم موسى بسرد تعاليم التوراة التي هي مخصصة للبشر وأمورهم، ويسألهم على كل نقطة فيها مكتوب في التوراة وصية كذا لعلكم تحتاجونها.. إلخ الحوار الطويل. خُطِّطَتْ دراسة موسى [في السماء] للتوراة لمدة أربعين يوماً، بحيث في النهار كان الرب يتدارس معه التعاليم المكتوبة، وفي الليل الشفوية. بهذه الطريقة كان قادراً على التفرقة بين الليل والنهار، لأن في الجنة "اللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ" [المزمور 139: 12-المترجم]، كانت هناك علامات أخرى بها قدر على تمييز الليل عن النهار، إذْ إذا سمع الملائكة يسبحون الربَّ ب "قدوس، قدوس، قدوس، رب الجنود. " علم أن هذا هو النهار، لكن إذا سبحوه ب "مباركاً ليكن الربّ لمن يستحقون البركة. وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ | تفسير ابن كثير | يس 38. "
هذه الآية الكريمة فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه ، وهو قوله: ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ، قال: " يا أبا ذر أتدري ما مستقرها؟ فقال أبو ذر: الله ورسوله أعلم ، قال صلى الله عليه وسلم: مستقرها أنها تسجد تحت عرش ربها عز وجل ذاهبة وآيبة بأمره سبحانه وتعالى" سجودًا الله أعلم بكيفيته سبحانه وتعالى. وهذه المخلوقات كلها تسجد لله وتسبح له جل وعلا تسبيحًا وسجودًا يعلمه سبحانه ، وإن كنا لا نعلمه ولا نفقهه ، كما قال عز وجل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ …) الآية ، هذا السجود يليق به لا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه. ومن هذا قوله تعالى في سورة الرعد: ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) فالشمس تجري كما أمرها الله تطلع من المشرق وتغيب من المغرب إلى آخر الزمان ، فإذا قرب قيام الساعة طلعت من مغربها ، وذلك من أشراط الساعة العظمى ، كما تواترت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا انتهى هذا العالم وقامت القيامة كورت ، كما قال تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) فتكور ويذهب نورها وتطرح هي والقمر في جهنم؛ لأنهما قد ذهبت الحاجة إليهما بزوال هذه الدنيا.