إنه عقد اجتماعي اتفق عليه المجتمع وأصبح شِرعة يسير عليها الناس. إذا كان هذا هو حال الدول الأخرى، فإن صورة الجار الذي كاد يُوَرِّثُهُ رسولنا عليه أزكى الصلاة والتسليم، تقتضي أن نكون أكثر تنظيما في محطات الميترو وأن يسود الإيثار بيننا بأن نجعل الطفل والمرأة والمريض والشيخ لهم الأسبقية في الركوب، وتكون صورة التنظيم في هذه المحطات أكثر حضارية من أوروبا وحتى كوريا الجنوبية. تراءت أمام عيناي صورة الجار الذي كاد رسول الله أن يُوَرِّثه، فرجعتُ إلى الوراء أتمعن في صورة الفوضى والازدحام الذي امتزجت فيه المرأة والطفل والرجل والقوي والضعيف في منظر فريد لا يعكس نظرة الإسلام وإنما يعكس واقع التخلف البعيد عن الدين. معنى قوله عز وجل وما ملكت أيمانكم – كنوز التراث الإسلامي. وأنا أنظر لهذا المشهد الغريب ولا أجد سبيلا للنزول، بدأتُ أفكر في مواصلة السير حتى المحطة القادمة لعلي أجد واقعا مغايرا يساعدني على الخروج من الميترو بسلام ووئام دون أن أرتكب جريمة في حق الجار، وما أنا إلا سائح لا أخبر دروب مدينة من حجم القاهرة… فجأة لمحتُ بجانبي رجلا قوي البنية من منظره يبدو أنه سلفي (لحية طويلة وجلباب قصير) وبجانبه زوجته حسب ظني ترتدي النقاب. وضع الرجل السلفي زوجته أمامه، وكان قوي البنية، فراح يتدافع مع الزحام في الاتجاه المعاكس ليجد للمرأة ولنفسه ممرا للهبوط من الميترو مع ما يتطلبه هذا الممر من التصاق مع الرجال والفتيات والأطفال والشيوخ.
وشكرا
ومن الجدير بالذكر ولختام هذا المقال أود أن أذكر القارئ أن القرآن حرم أي تعامل مع الأسرى إلا من خلال المن عليهم بالحرية أو بتبادل الأسرى وقت الحروب للدفاع عن النفس "فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا" (سورة محمد آية 4). ولذا فإن سبي النساء واستعبادهن في الحروب كما جاء في كتب التراث تحت مسمى "ماملكت أيمانكم"، مخالف لتعاليم القرآن في هذا الأمر وهو يعد جريمة بكل المقاييس. ولنا الآن أن نتصور ولو لوهلة واحدة لو فعلها أحد معنا -أي أخذ أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا كسبايا حرب للتسري بهن- بحجة نشر دين، ماذا كنا ياترى سنقول عن دينه وبماذا كنا سنصفه؟
وقد انتهى ملك اليمين في هذا العصر فلا يوجد عبيد ولا أرقاء، ولا يعني هذا إلغاء أحكام الرق، إذا وجدت أسبابه وانتفت موانعه. قال ابن قدامة في المغني: الأصل في الآدميين الحرية فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم العارض، فله حكم الأصل، ولا يجوز لأحد أن يسترق نفسه لغيره، ولو رضي بذلك، لأن الحرية حق لله تعالى، هذا ما اتفق عليه أهل العلم. وعليه، فلا يجوز للمرأة أن تهب نفسها لرجل كأنها ملك يمينه، ولكن لا مانع من أن تتنازل له عن بعض حقوقها الشخصية الأخرى أو كلها، كأن تقبل الزواج منه، مع التنازل عن حقها في النفقة أو السكن. معنى ماملكت أيمانكم أي - موقع محتويات. وأما تحريم ما أحل الله تعالى أو تحليل ما حرم فهذا من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب، فالتحريم والتحليل من حق الخالق سبحانه وتعالى، قال تعالى: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) وقال تعالى: ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون* متاع قليل ولهم عذاب أليم) [النحل:116-117] والذي يسن القوانين لتحريم تعدد الزوجات آثم إثماً عظيماً لمخالفته كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الراي: معنى { ملكت أيمانكم}: أي: ما ملكتم من الإماء والجواري. وقال الله تعالى: { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما) الأحزاب / 50. وقال: { والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. معنى وما ملكت ايمانكم. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المعارج / 29 – 31. قال الطبري: يقول تعالى ذكره: { والذين هم لفروجهم حافظون} ، حافظون عن كل ما حرم الله عليهم وضعها فيه ، إلا أنهم غير ملومين في ترك حفظها على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم من إمائهم. " تفسير الطبري " ( 29 / 84). قال ابن كثير: وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرى بها على سارة. " تفسير ابن كثير " ( 1 / 383). وقال ابن كثير أيضاً: وقوله تعالى: { وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك} الأحزاب / 50 ، أي: وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم ، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما. "
رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن أنس. وقوله صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم. رواه الشيخان عن أبي ذر. وورد الأمر بالإحسان بصفة خاصة إلى الجواري المملوكات، كما في قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري وهذا لفظ مسلم: ….. ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران. والله أعلم. المصدر: الإسلام سؤال وجواب