تفرد به الترمذي وصححه. وقال عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه قال: كان ثابت البناني يحدث عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خير نساء العالمين أربع ، مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم] رواه ابن مردويه. وروى ابن مردويه من طريق شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث: مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ". وقال ابن جرير: حدثني المثنى ، حدثنا آدم العسقلاني ، حدثنا شعبة ، حدثنا عمرو بن مرة ، سمعت مرة الهمداني بحديث عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون ". وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود من طرق عن شعبة به ولفظ البخاري: " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ". وقد استقصيت طرق هذا الحديث وألفاظه في قصة عيسى ابن مريم عليهما السلام ، في كتابنا " البداية والنهاية " ولله الحمد والمنة.
وهذا إسناد ضعيف جدا. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/218): " رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم " وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053): " فيه من يعرف بالضعف... محمد بن سعد - هو: ابن محمد بن الحسن بن عطية -: قاضي بغداد ، وفيه لين ، وأبوه سعد مثل يونس بن نفيع ؛ لم أجد لهما ترجمة. وعمه هو: الحسين بن الحسن بن عطية ؛ قال الذهبي في " المغني ": " ضعفوه ". انتهى. الدليل السابع: عن ابن أبي رواد ، قال: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه ، فقال لها: بالكره مني ما أرى منك يا خديجة ، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا ، أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ؟ قالت: وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله ؟ قال: نعم. قالت: بالرفاء والبنين) رواه الطبراني (22/451) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/119) وأبو نعيم الأصبهاني في "معجم الصحابة" (رقم/6738) ، ورواه ابن الجوزي في "المنتظم في التاريخ" (1/267/ ترجمة خديجة) من طريق ثنا الزبير بن بكار ، حدثني محمد بن حسن ، عن يعلى بن المغيرة ، عن بن أبي رواد به. وهذا سند منقطع معضل.
خلَّد الله ذكرها في كتابه، وأعلى شأنها، وبيَّن براءتها وجعلها مثالاً يحتذى، وقدوةً لنساء العالمين، ثم بعد ذلك يصبح ابنها نبيّاً رسولاً يجري الله على يديه النور والصلاح، ويؤيده بالكثير من المعجزات، ويحقق العبودية الخالصة لله، ويتعدّى لمن يشكك دعوة الله تعالى للمحبَّة والسلام والتسامح والرفق والرحمة، والحجة والبرهان والدليل. لقد كان للسيدة مريم عليها السلام مكانة خاصَّة رفيعة في القرآن الكريم، فقد اصطفاها الله بالتطهُّر، لتقوم بأنبل وأعظم مهمة، وهي مهمة الأمومة في سياق المعجزة الإلهية، فكان لها الدور العظيم والأساسي في محور الأحداث المتعلقة بسيرة عائلتها وابنها، ورسالته التوحيدية الخالصة لله عزَّ وجل. مراجع البحث: - علي محمّد محمّد الصّلابيّ، المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام (الحقيقة الكاملة)، 2019م،ص (160:154) - فوزية صالح الخليفي، مواجهة الصدمات النفسية من خلال تدبر قصة مريم عليها السلام، دار الحضارة للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، 2015م، ص 20 - 29. - الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها السلسلة الصحيحة ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، 1415ه - 1995م، رقم 1424.
وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (8/166): ضعيف أيضا. الدليل الرابع: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أُعْلِمتُ أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون. فقلت: هنيئًا لك يا رسول الله) رواه أبو يعلى – ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118) - والطبراني في "المعجم الكبير" (8/258) ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/459) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/113) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (رقم/1460) ، وابن عدي في "الكامل" (7/180) جميعهم من طريق: عبد النور بن عبد الله ، حدثنا يونس بن شعيب ، عن أبي أمامة به. وهذا إسناد موضوع. عبد النور كذاب ، قال العقيلي: " كان غالياً في الرفض ، ويضع الحديث خبيثاً " وقال الذهبي: " كذاب " انتهى. ويونس بن شعيب: قال فيه البخاري: "منكر الحديث" ، وقال العقيلي: "حديثه غير محفوظ" ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/139): "لست أعرف له من أبي أمامة سماعا ، على مناكير ما يرويه في قلتها ، كأنه كان المتعمد لذلك ، لا يجوز الاحتجاج به بحال". وانظر "لسان الميزان" (6/332) قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053): " وهذا إسناد موضوع " انتهى.
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) هذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم ، عليها السلام ، عن أمر الله لهم بذلك: أن الله قد اصطفاها ، أي: اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها وشرفها وطهرها من الأكدار والوسواس واصطفاها ثانيا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين. قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب في قوله: ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) قال: كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده ، ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط ". لم يخرجوه من هذا الوجه ، سوى مسلم فإنه رواه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق به. وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد ". أخرجاه في الصحيحين ، من حديث هشام ، به مثله. وقال الترمذي: حدثنا أبو بكر بن زنجويه ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون. "
ثم قال الحافظ ابن حجر: " ولفظ العقيلي لما ذكره: مجهول بالنقل ، لا يتابع على حديثه ، ولا يصح. وأظن أن الذهبي حكم عليه بالبطلان لِما في آخره من الخطأ ، وأما قصة مارية فلها طرق كثيرة تشعر بأن لها أصلا " انتهى.
- أكرم كسّاب، علاقة الإسلام بالنصرانية في القرآن والسنة عبر التاريخ، مركز التنوير الإسلامي للخدمات المعرفية والنشر، القاهرة، 2007م، ص 17. - هدى عبد اللطيف عريان، الشخصية النسائية في القصة القرآنية، دار غار حراء للطباعة والنشر، دمشق. سوريا، ط1، 2005م، ص 216.