كيف تنزع من قلبك الحقد والضغينة وتكفّ عن لوم الآخرين! متى تُبدل قلبًا مريضًا بقلبٍ سليم خالٍ من الشوائب؟ متىٰ سيأتي الوقت الذي تستفيق منه؟! بالكراهية يصل الإنسان بأن يضع نفسه موضع الضحيّة في كل مكان وزمان وأي موقف وحتىٰ توافه الأمور ويعلل بالمظلومية ويخلط بين الحق والباطل بسبب تكراره لمظلوميته فلم يعد يعلم هل له حقٌ نُزع منه ظلمًا أم أنه غارقٌ بالباطل ويلوم الآخرين بذريعة المظلومية فنزع هو الآخر حقوقهم. يتلذذ بكل موقف بأن يكون ضحية لكل شيء وأن الناس جميعًا أعداؤه وظلموه ليفتح لنفسه بابًا لا ينسد من قلب عليل مليء بالضغينة؛ فمن ملأ قلبه حقدًا فقد ظلم نفسه وسيظلم غيره! ولو أنّ شخصًا ألبسَ جيفةً حريرًا وطيّب الحرير، فإن أول ما يسبق إلى الأنوف رائحة الجيفة، ولن تغرّهم رائحة الطيب. كأفئدة الطير - ملتقى الخطباء. فكذلك الإنسان، إذا أخرج حقده وألبسه لباس المظلومية، فإن القلوب تشمّ رائحة الحقد، ولن يلتفتوا له. أخيرًا: الإيمان الجازم بعدل الله، وحُسن قضائه، وجمال تدبيره، واليقين بأن اختياره لنا أفضل من اختيارنا لأنفسنا، وتعزيز هذا المعنى بشكل مستمر، هو من أعظم ما يزيل الحقد في النفوس والحسد من القلوب، ويُذهب الطمع بما لدى الآخرين، ويملأ الإنسان بالقناعة والطمأنينة والرضا والسكون.
عباد الله: ألا وإن من صفات هؤلاء الذي يدخلون الجنة أن أفئدتهم رقيقة ليّنة، متواضعة محبوبة، لا تجدُ صاحبَ هذا القلبِ منه أذيةً لأي مؤمن، بل لا تجد منه إلا إحساناً لجيرانه، وبراً بوالديه وأرحامه، تجده هيّناً ليناً مع أبنائه وإخوانه، يمسح على رأس اليتيم ويُطعم المسكين، سمحاً في بيعه وشرائه وقضائه واقتضائه. المؤمن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في طلاقة وجهه وتبسّمه في وجه أخيه. أما إذا خلا مع نفسه فإنك تجده ذاكراً مصلياً مبتهلاً مستغفراً. أفئدة الطير - ملتقى الخطباء. عباد الله: هؤلاء الصنف من أهل الجنة أفئدتهم كأفئدة الطير، هي مثلُها في أنها خاليةٌ من ذنب، سليمةٌ من كل عيب، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: " أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ ". فاتقوا الله أيها المؤمنون، وتعاهدوا قلوبكم من كلِّ ذنب ومعصية، ولتكن كأفئدة الطير في صفائها ورقتها. أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ - الشيخ: صالح الفوزان - YouTube
أيها الأحبة الكرام: قلب المؤمن كقلب الطير، فالطير لا يطيق حبساً في القفص، فكذلك المؤمن لا يطيق أن يُكبَّل بمعاصيه، أو يحبَس في أمور الدنيا. فاتقوا الله أيها المؤمنون، وعالجوا قلوبكم من ضعفها بترويضها على الطاعة وزجرها عن المعصية، وحاسب نفسك وتفقّد طاعاتك. اللهم إنا نسألك قلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً وتوبةً نصوحاً.. اللهم اغسل قلوبنا من الران الذي غشاها، واجعلها خاشعةً لجلالك وعظمتك. اللهم حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان. اللهم بضعفنا وظلمنا لأنفسنا عصيناك وفرطنا في أمرك. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. أفئدتهم مثل أفئدة الطير. اللهم أنر قلوبنا بالإيمان واملأ نفوسنا باليقين والإحسان اللهم أنت ربنا وإلهنا.. وأنت الغفور الرحيم.. اللهم فاغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء بسؤال السائلة ح أ من الرياض، تقول في هذا السؤال: أريد أن أعرف صحة هذا الحديث فضيلة الشيخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة أقوام قلوبهم وأفئدتهم مثل أفئدة الطير». ما معنى هذا الحديث بالتفصيل، وهل هو صحيح؟ الجواب: الشيخ: الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. قبل أن أجيب على هذا السؤال أحب أن أنبه أنه إذا كان المتكلم بالحديث لا يدري عن صحته عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجزم في نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم، بل يقول: ما مدى صحة ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ حتى يسلم من الجزم بنسبة الحديث إلى رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهولا يدري أيصح عنه أم لا. أما معنى هذا الحديث فهو أن أهل الجنة إذا أرادوا دخول الجنة فإن الله سبحانه وتعالى يحبسهم على قنطرة بين الجنة والنار، أي يوقفهم على قنطرة بين الجنة والنار بعد عبور الصراط ثم يقتص من بعضهم لبعض؛ حتى ينزع ما في صدورهم من غل فيدخلون الجنة وأفئدتهم كأفئدة الطير، ليس فيها حقد ولا غل، بل هي قلوب بريئة نزيهة طاهرة يقول الله عز وجل: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾.
-فهي معادلة كلما زاد التوكل زادت الكفاية والحماية... وكلما قل التوكل الحقيقي قلت الكفاية... وتخلف النصر... ووكلنا الله إلى أنفسنا وأعدائنا... فعلى عموم الأمة أن تعيد حساباتها في قضية التوكل. -وهذا المعنى جاء واضحا جليافي حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب،فيمارواه الترمذي: " لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ". -فأزمة الأمة الحقيقية في حسن التوكل على الله عز وجل... وهو أمر في غاية الأهمية... فعلى الدعاة والأئمة،والمصلحين والمفكرين،أن يحيوا في الأمة معاني التوكل الحقيقية... مع الأخذ الأسباب الممكنة و المتاحة... لأننا لا نشك بحال في كفاية الله لعباده المؤمنين،وقد قال سبحانه:"أليس الله بكاف عبده". -وفي قراءة:"عباده"،فإذا تخلفت هذه الكفاية... فلابد أن نعيد حساباتنا في مسألة التوكل على الله سبحان في كل قضايانا... لأن التاريخ يؤكد أنه إذا تحقق التوكل كان النصر... وما يوم حمراء الأسد ببعيد:"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكمفاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ".