ورواية الرجم فقط هي المذهب . كما اتفق الفقهاء على أن حد الزاني غير المحصن ـ رجلاً كان أو امرأةً ـ مائة جلدة إن كان حرا . وأما العبد أو الأمة فحدهما خمسون جلدة سواء كانا بكرين أو ثيبين لقوله تعالى : { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } . وزاد جمهور الفقهاء ( المالكية والشافعية والحنابلة ) التغريب عاماً للبكر الحر الذكر .
وجلد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينقل عن أحد منهم مد ولا قيد ولا تجريد. ولا تنزع عنه ثيابه, بل يكون عليه الثوب والثوبان. وإن كان عليه فرو أو جبة محشوة, نزعت عنه; لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب. قال أحمد: لو تركت عليه ثياب الشتاء ما بالى بالضرب. وقال مالك: يجرد; لأن الأمر بجلده يقتضي مباشرة جسمه. ولنا قول ابن مسعود, ولم نعلم عن أحد من الصحابة خلافه ، والله تعالى لم يأمر بتجريده, إنما أمر بجلده, ومن جلد من فوق الثوب فقد جلد). وقال: ( إذا ثبت هذا, فإن السوط يكون وسطا, لا جديدا فيجرح, ولا خَلَقاً ( أي: بالياً قديماً) فيقل ألمه; لما روي أن رجلا اعترف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا, فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط, فأتي بسوط مكسور, فقال: فوق هذا. فأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته. فقال: بين هذين. رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا. وروي عن أبي هريرة مسندا. وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ضرب بين ضربين, وسوط بين سوطين وهكذا الضرب يكون وسطا, لا شديد فيقتل, ولا ضعيف فلا يردع. #حد الزاني البكر #حد الثيب المحصن الزاني | كل شي. ولا يرفع باعه كل الرفع, ولا يحطه فلا يؤلم. قال أحمد: لا يبدي إبطه في شيء من الحدود. يعني: لا يبالغ في رفع يده, فإن المقصود أدبه, لا قتله) انتهى من المغني 9/141- 142 ومما سبق يتبين أن الشخص العادي لا يقتله الجلد غالبا، وأن المطلوب هو الزجر والتأديب ، وشهود المؤمنين لهذه العقوبة ، كما قال سبحانه: ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور / 2 والله أعلم.
يقول الله - تعالى - " ولا تقربوا الزّنا إنه ساء فاحشة وساء سبيلا ". الزنا هو أحد الكبائر التي نهانا الله عنها وذلك لما لهذا الفعل من عواقب وخيمة تعود على المجتمع، وقد وضع الإسلام عقوبة لردع الزاني وايقافه عن ممارسة هذه الفاحشة، وتختلف العقوبة المترتبة على الزنا وذلك باختلاف حالة الزاني، فعقوبة الزّنا هي: عقوبة الزاني المحصن ( المتزوّج): هي الرّجم حتّى الموت. عقوبة الزّاني غير المحصن: مئة جلدة مع تغريبه عند بلده المقيم بها.
[17] مجموع الفتاوى: 28/ 250. [18] مجموع الفتاوى: 34/ 139. [19] مجموع الفتاوى: 34/ 230.
ما هو المحصن حتى يستوجب عقوبة غير عقوبة غير المحصن؟ المحصن: مأخوذ من الحصن، وهو الموضع المنيع، وأحصن الشيء: منعه وصانه، ومنه قول الله تعالى: { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [الأنبياء: 91]، وتحصَّن، أي: اتخذ له حصنًا، وعلى هذا فالمحصن: هو المتزوج الذي تحصن بالزواج، فاستعصم من الغواية والفتنة؛ ليظل في منجاة من السقوط في الرذيلة. أما عن عقوبة الحر المحصن إذا زنا، أو الحرة المحصنة إذا زنت، فالحد في حقهما الرجم بالحجارة حتى الموت، ولقد ثبت الرجم بالدليل القاطع، الذي لا يحتمل شيئًا من شك أو تردد، ومما لا شك فيه أن الرجم، قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول، والفعل في أخبار صحيحة متضافرة، وهو ما أجمع عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن السنة: ما ورد عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا، الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)). وقد ورد أيضًا عن عمران بن حصين: ((أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها زنت وهي حبلى، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليًّا لها، فقال له رسول اللهصلى الله عليه وسلم: أحسن إليها فإن وضعت، فجئ بها، فلما أن وضعت جاء بها، فأمر بها النبيصلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها، فقال عمر: يا رسول الله تصلي عليها وقد زنت؟ قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدتَ أفضلَ من أن جادت بنفسها)).