ومن هذه الحقوق: أولاً: الحب والمناصرة والتأييد والمؤازرة ومحبة الخير لهم, كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" الموضوع الأصلى من هنا معنى الحب فى الله!!!!
[٢٣] يُظلّل الله -تعالى- يوم القيامة المُتحابّين فيه بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظِلّه، وقد ورد ذلك عن رسول الله -عليه السلام- عندما قال: (إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي). [٢٤] الفوز برضا الله -تعالى-، ودخول جنّته، وقد بيّن ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا). معني الحب في الله العاب تعليميه. [١٨] يؤلّف الله -تعالى- بين قلوب عباده المُتحابين فيه، ويُبعد عنهم أمراض النفوس من غلٍ، وحقدٍ، وغيره، وقد بيّن الله ذلك في قوله -تعالى-: (وَنَزَعنا ما في صُدورِهِم مِن غِلٍّ إِخوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ) ، [٢٥] وفي قوله: (وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلـكِنَّ اللَّـهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ). [٢٦] لا يتخلّى المُتحابّون في الله عن بعضهم البعض يوم القيامة، قال -تعالى-: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ). [٢٧] يُحشر المرء مع من أحبّ، وأساس الحب في الله حبّ الله ورسوله، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (بيْنَما أنَا والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَارِجَانِ مِنَ المَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ المَسْجِدِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما أعْدَدْتَ لَهَا؟ فَكَأنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ، ثُمَّ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ، ولَا صَلَاةٍ، ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ).
أهمّية الحب في الله خلق الله -عزّ وجلّ- في المؤمنين الحاجةَ إلى الحبّ في كلّ وقتٍ وحِين، ومَحبّة المؤمن لإخوانه المؤمنين هي حاجةٌ مُلِحّةٌ في تكوينه الذي خلقه الله -تعالى- عليه؛ إذ إنّها المُحرّك الأوّل الأساسيّ في الإنتاج والعمل في المجتمع؛ فالمؤمن لا يستغني عن إخوانه المؤمنين، وهو بحاجة إليهم، وإذا ساد شعور الأُلفة والمَودّة بين أفراد المجتمع، كان المجتمع أكثر اتِّزاناً واستقامةً، لا سيّما إذا كان الحبّ في الله -تعالى-؛ فيحصد الإنسان ثمرة ذلك في حياته الدُّنيا، وفي الآخرة.
مرحباً بالضيف
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه (قاعدة في المحبة): (أصلُ الموالاة هي المحبة كما أنَّ أصلَ المعادة البغض، فإنَّ التحاب يوجبُ التقاربَ والاتفاق، والتباغضَ يوجبُ التباعدَ والاختلاف) [1] وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن- رحمة الله عليهم-: (أصلُ الموالاة: الحب، وأصلُ المعاداةِ: البغض، وينشأ عنهما من أعمالِ القلوبِ والجوارح ما يدخلُ في حقيقةِ الموالاةِ والمعاداةº كالنصرةِ والأنس والمعاونة، وكالجهادِ والهجرةِ ونحو ذلك من الأعمال) [2]. وسئلَ الإمامُ أحمد- رحمة الله- عن الحب في الله، فقال: \" ألاَّ تُحبه لطمعٍ, في ديناه [3] فمن خلالِ أقوال هؤلاءِ الأئمة ونحوهم، يتبيّن لنا أنَّ الحب والبغض أمرٌ قلبي، فالحب محله القلب، والبغض محلهُ القلب، لكن لا بد لهذا العمل القلبي أن يظهرَ على الجوارح، فلا يأتي شخصٌ يقول: أنا أبغض فلاناً في الله، ثم تجدُ الأنس والانبساط والزيارة والنصرة والتأييد لمن أبغضه في الله!
الله: لفظ الجلالة اسم إنَّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. فالق: خبر إنَّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. الحب: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة. معنى الحب في الله. والنوى: الواو حرف عطف، النوى: معطوف على مجرور فهو مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف. الثمرات المستفادة من آية: إن الله فالق الحب والنوى في نهاية المطاف من الضروري المرور على الثمرات المستخلصة من الآية، فلا بدَّ للمسلم استخراج تلك الثمرات من كل آية في كتاب الله والأخذ بما فيها من تعاليم وعظات، فقد أنزل الله تعالى آياته هداية للناس ودستورًا ينظِّم حياتهم ويهديهم إلى سواء السبيل، وفيما يأتي الثمرات المستفادة من آية: إن الله فالق الحب والنوى: [١٤] قدرةُ الله تعالى مُطلقة وليس لها حدود تقفُ عندها سواءً في الأمور الدقيقة أو العظيمة، وهو القائل في كتابه العزيز: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. [١٥] رحمةُ الله تعالى تتجلَّى في كلِّ مخلوقاته في هذا الكون، ومن صور رحمته أنَّه خلقَ الظلمات في الليل والنور في النهار للإنسان، حيثُ قال في سورة النبأ أيضًا: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا* وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}، [١٦] ومن صور رحمته أنَّه يسَّر نموَّ النباتات بمختلف ألوانها حتى يستفيد منها الإنسان، ويشيرُ تعالى إلى ذلك في قوله: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ* أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}.