والمقصد أن الأنبياء عليهم السلام لم تزل تنعته وتحكيه في كتبها على أُممها، وتأمرهم باتباعه ونصره ومؤازرته إذا بُعث، وكان أول ما اشتهر الأمر في أهل الأرض، على لسان إبراهيم الخليل والد الأنبياء بعده، حين دعا لأهل مكّة أن يبعث اللّه فيهم رسولاً منهم، وكذا على لسان عيسى بن مريم، ولهذا قال: (دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بن مريم، ورؤيا أُمي التي رأت) أي ظهر في أهل مكة أثر ذلك، والإرهاص، فذكره صلوات اللّه وسلامه عليه. وقوله تعالى: { فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} قال ابن جريج، { فلما جاءهم} أحمد أي المبشر به في الأعصار المتقادمة المنوه بذكره في القرون السالفة، لما ظهر أمره وجاء بالبينات قال الكفرة والمخالفون { هذا سحر مبين}. تفسير الجلالين { و} اذكر { إذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني} قالوا: إنه آدر، أي منتفخ الخصية وليس كذلك، وكذبوه { وقد} للتحقيق { تعلمون أني رسول الله إليكم} الجملة حال، والرسول يحترم { فلما زاغوا} عدلوا عن الحق بإيذائه { أزاغ الله قلوبهم} أمالها عن الهدى على وفق ما قدره في الأزل { والله لا يهدي القوم الفاسقين} الكافرين في علمه.
المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن » [1] انظر "بدائع التفسير" (1/ 319- 320). [2] أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 98، 100). [3] انظر "بدائع التفسير" (1/ 318). [4] انظر: "ديوانه" (ص78). [5] انظر: "ديوانه" (ص92).
٣٠ - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية [البقرة: ٦٧] قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: العَوَانُ: النَّصَفُ بَيْنَ البِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. {فَاقِعٌ} [البقرة: ٦٩]: صَافٍ. {لَا ذَلُولٌ} [البقرة: ٧١]: لَمْ يُذِلَّهَا العَمَلُ، {تُثِيرُ الْأَرْضَ} [البقرة: ٧١] لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ، وَلَا تَعْمَلُ فِي الحَرْثِ {مُسَلَّمَةٌ} [البقرة: ٧١]: مِنَ العُيُوبِ. {لَا شِيَةَ} [البقرة: ٧١]: بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ} [البقرة: ٦٩]: إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ: صَفْرَاءُ، كَقَوْلِهِ: {جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: ٣٣]. {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: ٧٢]: اخْتَلَفْتُمْ. [فتح: ٦/ ٤٣٩] الشرح: تفسير أبي العالية رواه الطبري عن سلمة، عن أبي إسحاق، عن الزهري عنه (١). وقاله ابن عباس أيضًا (٢) ؛ لأن الفارض (الكبيرة) (٣) والبكر: الصغيرة. وقال مجاهد: ( {العوان}) التي قد ولدت بطنا أو بطنين (٤). قيل: وهو المعروف عند العرب. واذ قال موسي لقومه ان الله. وما ذكره في ( {فَاقِعٌ}) قاله قتادة (٥). وقال الكسائي: فقع يفقع إذا خلصت صفرته. وقوله: ( {تُثِيرُ الْأَرْضَ}) قال مجاهد: لم تذلل بالعمل فتثير (١) رواه الطبري ١/ ٣٨٥ (١٢١٥) من طريق الربيع، عن أبي العالية.
قال معلى الوراق سمعت مالك بن دينار يقول خلطت دقيقي بالرماد فضعفت عن الصلاة. قال السري بن يحيى توفي مالك بن دينار سنة سبع وعشرين ومئة. وقال ابن المديني سنة ثلاثين ومئة. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن قصة مالك بن دينار هذه مشهورة، وقد ذكرها بعض أهل العلم للعظة والاعتبار.. منهم ابن قدامة المقدسي في كتاب التوابين، وابن الجزري في كتاب: الزهر الفاتح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح، كما ذكرها ابن الجوزي والعجلوني كما في الفتوى المشار إليها.
واستفسر منها عن وجود التنين والرجل، فقالت له أن التنين هو أعماله السيئة في الدنيا والرجل هو أعماله الحسنة. وبسبب كثرة أعماله السيئة فلم تتمكن الأعمال الطيبة من ردها. كانت هذه الرؤية سبب في توبة مالك بن دينار. حيث يحكى أنه سرعان ما استيقظ من نومه وتخلص من كل الخمر الموجود وحرص على أداء كل العبادات والصلوات في مواعيدها. قد يهمك: أجمل ما قال مالك بن دينار من مواعظ وعبر صفات مالك بن دينار مقالات قد تعجبك: عند ذكر اسم مالك بن دينار يذكر سعيه الدائم للحصول على الأموال من خلال العمل الحلال. كما أنه من أشهر صفاته الصبر، ويوجد الكثير من المواقف المختلفة في حياته التي ظهرت فيها صفة الصبر. كما يعرف عن مالك بن دينار أيضاً الزهد، كان لديه زهد في كل متاع الدنيا. حيث يحكى أنه في يوماً ما دخل لص منزله فلم يجد ما يسرقه. فقال له مالك بن دينار هل ترغب في سرقة شيء من الآخرة فأجابه بالموافقة فأخذه للصلاة في المسجد. كما اشتهر بالزهد في الطعام حيث أنه لم يهتم بأكل اللحم دائماً وكان قوت يومه بسيط، أما لحم الأضحية فكان يفضل تناولها للحصول على الثواب. عرف عن مالك بن دينار تعلقه الشديد بالقرآن الكريم وحرصه على حفظ آياته وتأويلها بشكل مستمر.
اسمه ونشأته: – مالك بن دينار ، أبو يحيى البصري، الزاهد المشهور، وُلِدَ في الكوفة أيام ابن عباس رضي الله عنهما، وكان مولى لبني أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك. مكانته العلمية: – سمع من: أنس بن مالك، وحدَّث عنه، وروى عن: الأحنف بن قيس ، وسعيد بن جبير، و الحسن البصري ، و محمد بن سيرين ، وغيرهم من التابعين الأجلَّاء. وقد حدَّث عنه: سعيد بن أبي عَرُوبة، وهمَّام بن يحيى، وغيرهم. له في كتب الحديث حوالي أربعين حديثاً، وقد وثَّقه النَّسائي وغيره، واستشهد به البخاري، وحديثه في درجة الحسن. صفاته: – كان عالماً زاهداً، كثيرَ الورع، قنوعاً، بقي أربعين سنة لا يأكل إلا من ثمار البصرة، ولا يأكل إلا من كسب يده، وكان يكتب المصاحف بالأجرة، وكان من كبار السادات. ابن بطوطة يصف مشاهداته في مدينة البصرة مأثورات مالك: – روي عنه أنه قال: "قرأت في التوراة أن الذي يعمل بيده طوبى لمحياه ومماته". ووقع حريق في البصرة، فخرج متَّزراً بحصيرة، وبيده مصحف، وقال: "فاز المخفُّون"، وهذا دليل زهده، وقلة ما كان يملكه من هذه الدنيا. وقال: "وَدِدْتُ أنَّ رزقي في حصاةٍ أمتصها، لا ألتمس غيرها حتى أموت". وقال: "مُذْ عرفْتُ النَّاسَ لم أفرح بمدحهم، ولم أكره ذمَّهم؛ لأن حامدهم مُفْرِطٌ، وذامَّهم مُفْرِطٌ، إذا تعلم العالم العلم للعمل، كسره، وإذا تعلمه لغير العمل، زاده فخراً".
قال مالك بن دينار رحمه الله: عجبا لمن يعلم أن الموت مصيره والقبر مورده كيف تقر بالدنيا عينه؟ وكيف يطيب فيها عيشه؟ قال مالك بن دينار رحمه الله: كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينًا للخَوَنة. قال مالك بن دينار رحمه الله: وددت أن الله - عزَّ وجلَّ - أذِن لي يوم القيامة إذا وقفت بين يديه أن أسجد سجدةً، فأعلم أنه قد رضيَ عني، ثم يقول لي: يا مالك كن تُرابًا. قال مالك بن دينار رحمه الله: إن الله جعل الدنيا دار مفر والآخرة دار مقر فخذوا لمقركم وأخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، ففي الدنيا حييتم ولغيرها خلقتم؛ إنما مثل الدنيا كالسم أكله من لا يعرفه واجتنبه من عرفه ومثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل يحذرها ذوو العقول ويهوي إليها الصبيان بأيديهم. قال مالك بن دينار رحمه الله: البكاء على الخطيئة يحط الخطايا كما تحط الريح الورق اليابس. قال مالك بن دينار رحمه الله: قال اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة. قال مالك بن دينار رحمه الله: الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه. دخل على مالك بن دينار لص فما وجد ما يأخذ ، فناداه مالك لم تجد شيئا من الدنيا ، فترغب في شيء من الآخرة ؟ قال: نعم ، قال: توضأ وصل ركعتين ، ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد ، فسئل من ذا ؟ قال: جاء ليسرق فسرقناه.
جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم. من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله. لا يصطلح المؤمن والمنافق حتى يصطلح الذئب والحمل. كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينًا للخَوَنة. البكاء على الخطيئة يحط الخطايا كما تحط الريح الورق اليابس. ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. منذ عرفت الناس لم أفرح بمدحهم ولم أكره ذمهم قيل: ولم ذاك؟ قال: لأن حامدهم مفرط وذامهم مفرط. كان الأبرار يتواصون بثلاث: سجـــن لســـان وكثرة الاستغفار والعزلة. الخوف على العمل أن لا يتقبل، أشد من العمل. من تباعد من زهرة الدنيا فذاك الغالب هواه. إن لم يكن في القلب حزن خرب. ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله. من علامة حب الدنيا أن يكون دائم البطنة. بقدرِ ما تحزن للدّنيا يخرج همّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همّ الدنيا من قلبك. بئس عبد همه هواه وبطنه. كل جليس لا تستفيد منه خيرًا فاجتنبه. اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع. مقالات قد تعجبك: أجمل ما قاله مالك من مواعظ وعبر عن الدنيا:- لم يبق لي من رَوْح الدنيا إلا ثلاثة: لقاء الإخوان، وتهجد بالقرآن، وبيتٌ خالٍ يُذْكَر الله فيه. مثل الدنيا مثل الحية، مسُّها ليِّنٌ، وفي جوفها السم القاتل، يحذرها ذو العقول، ويهوي إليها الصبيان.
وروي في سبب وفاته أنّه رأى مسلم بن يسار وهو نائم، وقد سأله عما فعله الله به؟ فقال: تجاوز عن سيئاتي وقبل حسناتي، فخرَّ مغشياً عليه، ومرض حتى توفي بعد أيام -رحمه الله-. [٦] المراجع ↑ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء ، صفحة 362. بتصرّف. ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية ، صفحة 2504. بتصرّف. ^ أ ب ابن قدامة المقدسي، التوابين ، صفحة 124. بتصرّف. ↑ سورة الحديد ، آية:16 ↑ ياسر عبد الرحمن، موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق ، صفحة 28. بتصرّف. ↑ سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ، صفحة 433. بتصرّف.