في القرن السادس عشر، أعاد الطبيب الفرنسي أمبرواز باري طريقة ابقراط في التعامل مع النواسير الشرجية ولكن باستخدام شعر الخيل لتقسيم العضلات العاصرة الداخلية وعلاج الناسور والتخلص منه بهذه الطريقة. وعلى الرغم من أن الأدوات اللازمة لعلاج النواسير الشرجية قد تغيرت على مر القرون، إلا أن كثيراً من التقنيات المذكورة آنفا التي تم تطويرها في العصور القديمة لا تزال تستخدم في يومنا هذا. طور علماء وأطباء القرن المنصرم في بدايته مادة صمغية تسمى غراء الفايبرن واستخدموها في حقن مجرى وقناة الناسور بعد زوال كل الالتهابات به. سُجل وقتها نسب نجاح متفائلة وصلت إلى 70% إلا أن الأمل اختفى سريعاً وأدار الأطباء ظهورهم لهذه الطريقة بعدما كثرة تقارير الدراسات المختلفة من مختلف أنحاء العالم والتي تدل على تدني مستويات النجاح الى أقل من 33% وارتفاع معدلات عودة الناسور إلى أكثر من 60%. في بداية الألفية الثالثة (عام 2005) كنت في ورشة عمل في مدينة كالجري الكندية أثناء تدربي في برنامج زمالة جراحة القولون والمستقيم وكانت عن علاج الناسور بمادة مخروطية الشكل تستعمل كسدادة تسد بها قناة الناسور وتعمل بشكل جيد دون التأثير على حركية الشرج ودون التأثير على قوة تحكم المريض.
وعلمت أن لها نسب نجاح متفاوتة تتأرجح بين 24 و95% وهذا فرق شاسع. كما علمت أنها مصنوعة من أمعاء الخنزير أجلكم الله. لم أحب التعامل مع مثل هذه المادة لحرجية الموقف الشرعي في ذلك فقررت استبعادها من خيارات العلاج التي أعرضها على المريض. وعندما عدت من البعثة وبدأت مزاولة مهام عملي قابلني مريض ذات يوم -خضع لدرزن (12 عملية) عمليات شرجية لاستئصال الناسور دونما نتيجة. فلم أجد له حلاً أفضل من هذه المادة والتي قمت انا والمريض جزاه الله خيراً بالذهاب للشيخ عبد الله بن جبرين والذي أفتى لنا بجواز استخدامها في مثل هذه الحالات الصعبة – رحم الله الشيخ وجزاه الله عن كل نفس وكل إنسان تعالج بمثل هذه المادة وشفاه الله من هذا الداء. وفي الأونة الأخير، بدأ الباحثون بالتحقيق في إمكانية علاج الناسور بالخلايا الجذعية المشتقة من الخلايا الدهنية والتي تحقن مباشرة في قناة الناسور. تشير التقارير الأولية أن نسب تماثل المريض للشفاء تصل الى 30٪، ولكن هذه التقنية لا تزال في مهدها وتحتاج الى وقت من الزمان حتى نتثبت من نتائجها ومن ثَم نحكم عليها. خلاصة الكلام يا أعزاء يا كرام هو أن الأهداف الأساسية لعلاج الناسور تتلخص في التخلص من النتن البكتيري الموضعي المصاحب له، والقضاء على قناة الناسور، والتقليل من احتمالية حدوث السلس البرازي.
يمكن للمريض أن يخرج بعد الإجراء بساعات للمنزل حيث لا ألم ويمكن متابعة نشاطه اليومي الطرق الجراحية لعلاج الناسور فتح مسار الناسور Fistulotomy تقوم هذه الجراحة على فتح مجرى قناة الناسور تماما، حيث يقوم طبيب الجراحة بعمل قطع في فتحة قناة الناسور من طرف وحتى الوصول للطرف الآخر (من الفتحة الداخلية وحتى الفتحة الخارجية)، بذلك يتم فتح قناة الناسور تماما، ثم يتم إزالة الأنسجة الميتة والأنسجة المتلوثة من القناة. تتضمن عملية فتح مسار الناسور Fistulotomy تنفيذ قطع صغير في عضلات الشرج القابضة حسب درجة الناسور وتفرعه، كما أن بعض درجات الناسور ووضعيته قد تتطلب إجراء استخدام هذه العملية على مراحل خصوصا حال وجود إندخال للناسور داخل العضلات الشرجية الإرادية وذلك للتعامل معها بشكل تدريجي مع المحافظة على كفاءة عمل العضلات بشكل كامل. تقنية سيتون Seton تقوم تقنية سيتون Seton لعلاج الناسور على مبدأ استخدام خيط داخل الناسور من أوله لآخره ثم مد هذا الخيط لربط طرفي الخيط حيث يخرج طرف من فتحة الشرج والطرف الآخر من فتحة الناسور تترك هذه الخيوط متدلية من الشرج لفترة حتى تعمل على نزح المفرزات من الداخل إلى الخارج، وبالتالي تفريغ محتوى الناسور من الإفرازات وهي ما تعتمده.
من الممكن الإصابة بالنواسير الشرجية في أي سن، بينما يبلغ متوسط عمر المرضى عند الإصابة به لأول مرة تسعة وثلاثين عاماً. عندما يصاب أحدنا بخراج حول الشرج والمستقيم – الذي هو السبب الرئيسي لنشوء الناسور -فإن 65% من هؤلاء المرضى سيعانون من تحول هذا الخراج الى ناسور شرجي مزمن أو متكرر. يتسرب الخراج وما فيه من صديد وقيح من خلال فتحة صغيرة خارجية عن طريق الجلد متصلة بتجويف الخراج الذي يتصل بدوره بمنفذ داخلي مستقبلا الفضلات من القناة الشرجية. وهناك بالطبع أسباب اخرى لهذا المرض منها، المضاعفات الناجمة عن الولادة، الاصابات المباشرة للشرج، مضاعفات العمليات الجراحية كالبواسير او الشرخ الشرجي. ترتفع وتيرة نسبة الإصابة بهذا الداء إن كان المريض من الذين يعانون من امراض التهابية مزمنة في الامعاء، مثل الدرن (داء السل) وداء كرون والتهاب القولون التقرحي أو عند من يعانون من أمراض جلدية مزمنة مثل التهاب الغدد العرقية المزمن، عدوى داء الفطر الشعاعي (داء الشعيات). تتضاعف نسبة الإصابة بهذه الظاهرة لدى المصابين بأورام سرطانية شرجية ولديهم مضاعفات ناجمة عن المعالجة بالأشعة الموضعية. وتُفاقم بعض الأمراض الأخرى هذه الظاهرة كالإيدز والسكري.
عشبة بتريبالا غوغول وهي عشبة علاجية مشهورة ولها خصائص علاجية مهمة في تحسين عمل الدورة الدموية في المنطقة التي يوجد بها المستقيم، كما أنها تنظم وتسهل حركة الأمعاء، وهي متوافرة في شكل مستخلص أقراص يمكن تناول قرصين منه يوميًا. عشبة فارا تشورنا وهي عشبة منظفة للقولون ومقوية للأمعاء ومحفزة لحركتها وبالتالي فهي مانعة للإصابة بالإمساك المسبب الأساسي للناسور، وهي تمنع أيضًا زيادة ضغط الدم وتقلى من حدوث التورم في منطقة فتحة الشرج، وهي تفيد لعلاج الصداع المصاحب للناسور وتعالج الحموضة، واستخدامها آمن بشكل كبير، ويتم استعمال ملعقة من مسحوقها على كوب ونصف من الماء وشربه بشكل يومي.