إن الله عز وجل لما بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بالدين القويم، الذي هيمن على الدين كله ونسخ الشرائع التي سبقته، أمر العباد أن يطيعوا هذا النبي ليهتدوا، فإن هم فعلوا ذلك فإن الله قد وعدهم بالاستخلاف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم من أهل الإيمان، وليمكنن لهم الدين، وليبدلنهم من بعد خوهم أمناً، ومن بعد التفوق اجتماعاً، ووعد الله لا يتخلف أبداً. تفسير قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن... ) تفسير قوله تعالى: (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم... سبب نزول آية (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) - موضوع. ) تفسير قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض... ) ملخص لما جاء في تفسير الآيات قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات هداية الآيات قال: [ هداية الآيات] الآن مع هداية الآيات: [ من هداية الآيات: أولاً: مشروعية الإقسام بالله تعالى، وحرمة الحلف بغيره تعالى] فمأذون لنا أن نحلف بالله، ولكن يجب أن نكون صادقين في حلفنا، وألا نكون كاذبين، فمن حلف كاذباً انغمس في الإثم، ثم في جهنم، والعياذ بالله. وثانياً: يحرم الحلف بغير الله، وما دام أذن في الحلف به فقد حرم ونهى عن الحلف بغيره، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر: ( ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحلف بغير الله، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).
القسم:
[٤] معاني المفردات توضيح معاني مفردات الآية ما يأتي: الفرق بين ليبدِلنهم بالتخفيف، وبين ليبدّلنهم بالتشديد إنَّ قراءة "ليبدّلنهم" بتشديد الدال يأتي بمعنى: وليغيرنّ حالهم عما هي عليه من الخوف إلى الأمن، أي سيغيّر حالهم من دون أن يأتي مكانه غيره -على اعتبار أن الخوف والأمن حالين موجودون فعلاً- بدليل أنَّهم لمَّا كفروا بهذه النعمة وقتلوا عثمان بن عفان، أدخل الله عليهم الخوف الذي كان قد رفعه عنهم. [٥] قراءة "ليبدِلنهم" بتخفيف التشديد يأتي بمعنى: إذا جعل مكان الشيء المبدل غيره، كقولهم: أبدل هذا الثوب: أي اجعل مكانه غيره، وهو بمعنى: ذهب بحال الخوف وأزاله بالكلية، وجاء بحال الأمن المخالف له، [٦] فيكون التخفيف من الإبدال والتشديد من التبديل وهما لغتان، والتبديل بمعنى تغيير حال إلى حال، والإبدال رفع الشيء وجعل غيره مكانه. [٧] القول في الفرق بين الخوف والخشية إنَّ الخوف يتعلق بالمكروه وبتركه أما الخشية فتتعلق بمنزل المكروه، فيقال خشيت زيداً ولا يقال خشيت ذهاب زيد، ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية، [٨] ولهذا قال -تعالى-: (ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) ، [٩] وقال أبو علي الدقاق: "الخوف من شروط الإيمان، والخشية من شروط العلم".
وقد أنجز لهم ما وعدهم، فحكموا وسادوا في الشرق والغرب، وانتصرت دعوة الله عز وجل، وزال ذلك الخوف وذلك الاضطراب الذي كان في أول الأمر. فهذا وعد الله عز وجل، وقد أنجزه. ومع العلم والله العظيم لو أن أهل دولة من دول المسلمين في الشرق أو الغرب تظهر مظهر الصدق والوفاء وتعبد الله وتدعو إليه فإنها إذا غزت نصرها الله عز وجل، ونشرت الإسلام، ومكن لها. القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة النور - الآية 55. [ خامساً: وجوب الشكر على النعم بعبادة الله تعالى وحده بما شرع من أنواع العبادات] فيجب الشكر لله تعالى على أنه خلقنا ورزقنا، وخلق الحياة كلها من أجلنا، وعلى أنه أرسل رسوله إلينا، وأنزل كتابه علينا، وهدانا إلى دينه وصراطه المستقيم، وإن لم نشكر هذه النعمة فإنها تسلب منا، والعياذ بالله. فيجب علينا أن نشكر الله بعبادته وطاعته وطاعة رسوله، وإلا فإنها تسلب منا كما حصل، فقد سلبت. [ سادساً] وأخيراً: [ الوعيد الشديد لمن أنعم الله عليه بنعمة أمن ورخاء، وسيادة وكرامة، فكفر تلك النعم ولم يشكرها، فعرضها للزوال] فيجب أن نذكر هذه. ونبدأ أولاً بالحاضر، فقد كنا مستعمرين لفرنسا وإيطاليا، وأسبانيا وبريطانيا، وبلجيكا وهولندا، ثم نصرنا الله عز وجل بدعوة الإسلام، فعدنا واستقللنا.
فأنزل الله هذه الآية ( وعد الله الذين آمنوا منكم).. إلى قوله: ( فمن كفر بعد ذلك) " قال: يقول: من كفر بهذه النعمة ( فأولئك هم الفاسقون) وليس يعني الكفر بالله. قال: فأظهره الله على جزيرة العرب فآمنوا ، ثم تجبروا ، فغير الله ما بهم ، وكفروا بهذه النعمة ، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفعه عنهم ، قال القاسم: قال أبو علي: بقتلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه. واختلف أهل التأويل في معنى الكفر الذي ذكره الله في قوله: ( فمن كفر بعد ذلك) فقال أبو العالية ما ذكرنا عنه من أنه كفر بالنعمة لا كفر بالله. وروي عن حذيفة في ذلك ما حدثنا به ابن بشار ، قال: ثنا عبد الرحمن ، قال: ثنا سفيان ، [ ص: 210] عن حبيب بن أبي الشعثاء ، قال: كنت جالسا مع حذيفة وعبد الله بن مسعود ، فقال حذيفة: ذهب النفاق ، وإنما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، قال: فضحك عبد الله ، فقال: لم تقول ذلك؟ قال: علمت ذلك ، قال: ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض).. حتى بلغ آخرها. حدثنا ابن المثنى ، قال: ثنا ابن أبي عدي ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي الشعثاء ، قال: قعدت إلى ابن مسعود وحذيفة ، فقال حذيفة: ذهب النفاق فلا نفاق ، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، فقال عبد الله: تعلم ما تقول؟ قال: فتلا هذه الآية ( إنما كان قول المؤمنين).. حتى بلغ: ( فأولئك هم الفاسقون) قال: فضحك عبد الله ، قال: فلقيت أبا الشعثاء بعد ذلك بأيام ، فقلت: من أي شيء ضحك عبد الله؟ قال: لا أدري ، إن الرجل ربما ضحك من الشيء الذي يعجبه ، وربما ضحك من الشيء الذي لا يعجبه ، فمن أي شيء ضحك؟ لا أدري.
قال: " فوالذي نفسي بيده ، ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز ". قلت: كسرى بن هرمز ؟ قال: " نعم ، كسرى بن هرمز ، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد ". قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده ، لتكونن الثالثة; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن أبي سلمة ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة ، والدين والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب ". وقوله: ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة عن أنس ، أن معاذ بن جبل حدثه قال: بينا أنا رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل ، قال: " يا معاذ " ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: ثم سار ساعة ، ثم قال: " يا معاذ بن جبل " ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك.
وقال سُبحانه وجل مكانه وعظم جودهُ {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُبين}. تعالوا على بساطِ رحمة اللَّه وادعوهُ بدُعاءٍ قد ثَقِلَ صاحِبه، وأقسموا عليه باسمه الأكبر وأسمائهُ الحُسنى وبالقرآنِ الكريم وبالنبأ العظيم، أبا الحسنينِ ونور العينين، عليٌ عليه السلام، الأب الحنون على المؤمنين، العطوف على قلوبهم الوالهة، ادعوا بقلوبٍ مؤمنة وصادقة في جوفَ ليلٍ مُظلم قد غشاهُ السكون على غير العادة. اكتسبوا من سواد هذا الليل الحالك ما يجعلكم هادئين في كنف الله وعظيم كرمه، واثقين بأنه لن يُرد هذهِ الكفوف خائبةٍ صفراء وخالية. خذوا سُبل الوقاية وألزموا بيوتكم حتى في الوقت المسموح لكم فيهِ بالخروج، (إلا للضرورة) لتنعموا بحياةً كريمة. اللهم حياةً وأملاً وعطاءً ورِضا، اللهم اقشع بفضلِكً غيمة السواد الحالكة عن القطيفِ وأهلِها وعن المؤمنين كافة، واجعل لنا بركاتٌ تُضيءُ بمصابيح المساجد، وتستقرُ الحياة بعودةٍ عظيمة بمنِكَ وإحسانك. عودةً للمسارات الطيبة مع أوجه العزةِ والكرامة، تُبحِرُ في شواطئها حياة الروحِ وروح الحياة، اللهم لا كللٌ ولا ملل ولا خوفٌ ولا ذبُلٌ ولا هلع. اللهم الحياة المطمئنة بسلامةٌ تغمِرُنا بها، وبلُطفٍ يشملُنا.