وهناك الجود بالمشاعر والعاطفة والكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة، والبخل بهذه الأشياء من أبشع صور البخل وأقساها وأسوؤها أثرًا على العلاقات والنفوس؛ فهناك من البخلاء حين يراك يظل وجهه متصلبًا لا يبش بنظرة ولا يلين بابتسامة، وكأنه يخاف على وجهه أن يتهدم، أو على شفتيه أن تتثلم، وهناك من يعجبه صنيعك وتصرفك ولكنه يشح عليك بكلمة شكر أو تقدير يسعدك بها، وفيهم من يحبك حبًّا حقيقيًّا ولكنه يبخل عليك أن يقر لك بهذا الحب أو يعترف لك بهذه المشاعر!! وما أروع هدي النبوة!! صفة الكرم في الدين الإسلامي | المرسال. ما أرقّه وأرقاه حين يربي النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على البوح بمشاعر الحب حينما أمر الرجل الذي عبّر عن حبه لصاحبه في غيبته، أن يخبره بحبه له، وهذه من مكارم الأخلاق، ومن صفات العظماء الكرماء النبلاء. ولقد قالوا: إن من أعظم صفات الكريم الجواد البسمة على محياه، والتهلل والبشر، ويوم تراه تجده متهللاً كما قالوا: تراه إذا ما جئته متهللاً *** كأنك تعطيه الذي أنت سائله أما العبوس فليس من علامة أهل الإيمان والأجاود، وإنما هو من علامة أهل الكبر والإعراض والمعصية. ومن صور البخل أن يتلقى المرء هدية طريفة ثم لا يجود بكلمة امتنان، أو تعبير عن إعجاب وعرفان.
هناك العديد من الصفات التي أمرنا بالتحلي بها ، هذه الصفات تم التحدث عنها في القرآن الكريم و السنة النبوية المشرفة ، و من بين هذه الصفات الكرم. الكرم تم تعريف الكرم من قبل عدد كبير من المفسرين بأكثر من طريقة ، فقد قام مسكوية بوصف الكرم ، على كونه إنفاق المال في الأمور ذات القدر العالي ، و كثيرة المنفعة ، كذلك قال عدد من المفسرين أنه يعني ، أن يقوم الشخص بالتبرع قبل أن يطلب منه ذلك ، و كذلك الرأفة بالسائلين و إطعام المساكين ، و الكرم و الجود لا يكون بالمال فقط ، و إنما بالمال و الجهد و الوقت أيضا.
ومن الكرم والجود والسخاء: القناعة بما تيسر من أخلاق الناس؛ فلا تطلب فيهم الكمال، واسلك سلم التغافل والإعراض: ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199]، وهي أجمع آية في الأخلاق، ( عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) [التحريم:3]. فإذا كنت كذلك فأنت معدود من الأبرار الأخيار الذين اختارهم الله -عز وجل- وجعل لهم أخلاقًا؛ منها اللين والبسمة والرحابة والبشاشة والقرب من الناس والتحبب إليهم، وهذا هو الجود بالخلق الكريم، ولا يحمله إلا من أعطاه الله -تعالى- خلقًا نبيلاً عظيمًا. وعلماء النفس يرون أن من أراد السعادة فعليه أن يبذل وأن يعطي، وهذا يسمونه صيدلية القلوب؛ أي أن تبذل من طعامك ودراهمك ومن أخلاقك، فيشفيك الله -عز وجل- من مرض القلق والاضطراب والهم والغم والحزن، وهذا أمر مجرب. بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصف المنفق الذي كلما أعطى وأنفق يتوسع عليه درعه حتى تنزل على جسمه، وأما البخيل فإنه كلما أمسك ضاق عليه الدرع حتى يكاد يختنق. لهذا تجد في أخلاق البخيل من الشراسة والحدة والنكد ما لا تجده عند غيره، وكلما قتّر يقتر الله عليه ويكون من نكد إلى نكد.