فلا يمكن للإنسان أن يواجه أعباء الحياة وحدَه، بل يحتاج لغيره، ولا تستقيم شؤون حياة البشر ومصالحهم إلا بالتعاون فيما بينهم؛ لذا يحرص العقلاء في كل أنحاء المعمورة على تعلم فنون التعامل مع الناس، واكتساب المهارة في التعامل مع أنواع الشخصيات، من أجل بناء علاقات ناجحة، والعيش بسلام ومحبة في البيئات الاجتماعية المتعددة، حتى أصبح التعامل مع الناس علمًا له فنون وطرق وأساليب متنوعة. ووُضِعت له قواعدُ خاصة بحسب أنواع الشخصيات المختلفة، وكذلك قواعد عامة للتعامل مع الإنسان مهما كانت شخصيته وطبائعه، ومعتقده وفكره وميوله؛ قال صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضَها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب)) [3]. ومن القواعد العظيمة الجليلة التي قررها الإسلام قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، ففي الآية قاعدة عامة في تعامل المسلم مع الناس، وفي الوصول لأعلى درجات الرقي والكمال في تعامل الناس مع بعضهم البعض؛ قال ابن القيم رحمه الله: "فالبر كلمة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد" [4].
كتاب المسائل الماردينية (ص٢٥١). قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: فإذا كنت في حاجة أخيك في الزواج أو أختك أو بنتك، فأنت على خيرٍ عظيم، أو ابن أخيك، ويقول جلَّ وعلا: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، فالتعاون على الزواج من التعاون على البر والتقوى، نسأل للجميع التوفيق والهداية. فتاوى نور على الدرب (١٦/٢٠). وجاء في فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله تعالى، قوله: لا يجوز لكم ولا لغيركم بيعُ الصحف والمجلات المشتملة على الصور النسائية أو المقالات المخالفة للشرع المطهر؛ لقول الله سبحانه: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. – مجلة الوعي. مجموع فتاوى ابن باز (٧٩/١٩). وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: س: حكم طلب المساعدة في بناء المسجد؟ ج: يجوز ذلك؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. فتاوى اللجنة الدائمة (٢٤٥/٦). وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة قولهم: لا يحل العمل في البنوك التي تتعامل بالربا؛ لأن في هذا عونًا لها على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، والكسب الحاصل عن ذلك كسب خبيث.
يقول سيّد المرسلين: [ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة]. لقد عُنِي الإسلامُ بالتّعاضد والتّناصر والتّكافل والتّعاون فيما بين المسلمين أيَّما عناية، حتّى جعَل الصّلاةَ الّتي هي عماد الدّين عملاً يعرِف به المسلمُ ما يعيشه أخوه المسلم من بلاء ومحنة وضيق وشدّة بعد حضوره في المسجد، وشهودِه الصّلاةَ مع الجماعة، وجعَل الإحسان إلى المساكين وابن السّبيل والأرملة والمصابين شرطًا لقبول الأعمال الصّالحة، واستحقاق الأجر والثّواب عليها بجلب الرّحمة والمغفرة إثرها، يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [ الرّاحمون يرحمهم الرّحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السّماء]. وأحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور تُدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دَيْنًا أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحبّ إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهرًا، ومَن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى ومَن مشى مع أخيه في حاجة حتّى يقضيها له ثبّت الله قدميه يوم تزول الأقدام.
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المثل العملي ليكون قدوة وأسوة واقعية متمثلة أمام الناس للتعاون بين المسلمين، فكان صلى الله عليه وسلم يعيش معهم كل أمورهم وشؤونهم وأفراحهم وأتراحهم: - فدخل معهم في الشعب شعب أبي طالب عندما حبسهم المشركون فيه لمدة ثلاثة أعوام كاملة يلاقي ما يلاقون ويعاني مما يعانون.
بتصرف ↑ الشيخ أحمد أبو عيد (16-1-2016)، "خطبة عن فضل التعاون في الإسلام" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 20-9-2018. بتصرف ↑ "وجوب تعاون المسلم مع إخوانه المسلمين على البر والتقوى" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 20-9-2018. بتصرف
ولابن القيم رحمه الله رسالة مهمة في شرحها اسمها (الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه) وقد أطال النفس فيها، وهي موجودة على الإنترنت فراجعها. والله أعلم.
دين وفتوى دار الإفتاء الخميس 31/مارس/2022 - 06:50 ص أوضحت دار الإفتاء ، حكم بناء منازل الأيتام أو ترميمها من الصدقة الجارية، حيث وصل إليها سؤال نصه: رغب بعض المتبرعين من دولة الكويت في بناء منازل أو ترميم منازل لبعض أسر الأيتام المكفولين لدى المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة، والمطلوب الإفادة حول كون هذه الأعمال من الصدقات الجارية أم لا؟. بناء المساكن للأيتام وتمليكهم إياها أو ترميم المنازل لهم صدقة جارية وقالت الدار عبر موقعها الإلكتروني- في فتوى سابقة-: بناء المساكن للأيتام وتمليكهم إياها أو ترميم المنازل لهم يعد صدقة جارية، وهو عمل طيب يثاب عليه المرء في الآخرة. وأضافت: الدين الإسلامي دين تعاون وتعاطف وتراحم وتكافل، وقد حث الله- عز وجل- على التعاونِ على البر والتقوى؛ فقال في قرآنه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.