فيالهذه العظمة ويالفتح الله على العبد اذا فتح سبحانه وتعالى..! اليقين بالله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم قد نسمع بين الحين والحين من يتمنى ان يملك عصا موسى و انصارا ً كالحواريين.. ان معي ربي سيهدين ويطعمني ويسقين. او من يرجو ان يؤول اليه قميص يوسف ليرد النور لأعين المكفوفين.. او من يحلم ان ينال خيطا ً من العنكبوت الذي ستر الحبيب المصطفى عن عيون القريشيين.. علّه يخفي نفسه عن طوابير المخبرين... أفحقا ً تملك هذه الادوات صنع المعجزات.
وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)) [رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك)). إن المسلم الواثق بالله يُوقن بأنّ الله لن يتركه ولن يُضيعه إذا ما تخلى عنه كل من في الأرض فثقته بما عند الله أكبر من ثقته بما عند الناس. والإيمان بالله يقتضي أن يوقن العبد بأنه لا حول لأي قوة في العالم ولا طول لها إلا بعد أن يأذن الله، الإيمان بالله يقتضي أن يوقن العبد بأن هذا الكون وما فيه من أنواع القوى ما هي إلا مخلوقات مسخرة لله، تجري بأمر الله وتتحرك بقضائه وقدره.
قالَ موسى ردعا لهم وازالة لرعبهم (كَلَّا) أي ارتدعوا عن هذا ولا تخافوا عن إدراكهم (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) ويلهمني إلى طريق النجاة والخلاص إذ قد وعدني ربي اليوم بالخلاص والنجاة فان وعده سبحانه حق ولا يخلف فصبر الى ان قرب العدو ووصل موسى على شاطئ البحر [1].
الثقة بالله هي خلاصة التوكل على الله وهي قمة التفويض إلى الله ، ((وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) الثقة أيها المسلمون هي الإطمئنان القلبي الذي لا يخالطه شك. ما سر "إن معي ربي سيهدين"؟ - المكتبة العامة. الثقة هي التسليم المطلق للملك جل وعلا ، هي الإستسلام لله عز وجل. فهو الأعلم بما يصلحنا وهو الأعلم بما ينفعنا وما يضرنا ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) الثقة بالله هي كما قال شقيق البلخي: أن لا تسعى في طمع، ولا تتكلم في طمع، ولا ترجو دون الله سواه، ولا تخاف دون الله سواه، ولا تخشى من شيء سواه، ولا يحرك من جوارحك شيئاً دون الله؛ يعني في طاعته واجتناب معصيته وقال بعض السلف: صفة الأولياء ثلاثة: الثقة بالله في كل شيء والفقر إليه في كل شيء والرجوع إليه من كل شيء. الثقة بالله تعالى هي التي لقنها الله تعالى أم موسى بقوله تعالى: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)) إذ لولا ثقتها بربها لما ألقت ولدها وفلذة كبدها في تيار الماء تتلاعب به أمواجه وينطلق به الموج إلى ما شاء الله.
وَقد أَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ حيث حفظنا البحر على انفلاقه وعدم جريه الى ان عبروا سالمين من تلك الفرج ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾ أي فرعون وقومه جميعًا بعد ما دخلوا مغترين مغرورين في تلك الفرج بإطباق البحر واجرائه واعدام انفلاقه وافتراقه واتصاله على الوجه الذي قد كان عليه قبل الانفلاق حسب وضعه الأصلي [2].