هذا؛ والله أعلم. 103 16 1, 213, 461
فالأذكار التي قُيِّدت بالصباح والمساء يقول الشيخُ العثيمين -رحمه الله-: "هذا وقتُها"، يعني: من بعد العصر إلى وقت العشاء، أو قريب منه، ومن بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس ضُحًى، يقول: "والأذكار التي قُيِّدت بالليل تكون بالليل" [4] ، مثل: قراءة الآيتين مثلاً من آخر سورة البقرة، ونحو ذلك، فهذه تكون في الليل، لا تكون قبل ذلك، يعني: ما يقرأها في العصر مثلاً، فمَن قرأهما في ليلةٍ كفتاه [5] ، فهذه من الأذكار التي تكون في الليل، ولا يُقال: إنها من مُطلق أذكار المساء. وجاء في فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز [6] -رحمه الله- هذا السؤال: هل يجوز لي قراءة أذكار المساء قبل أذان المغرب بدقائق؛ لانشغالي بعد صلاة المغرب بتدريس القرآن الكريم؟ الجواب: نعم، يجوز أن تقرأ أذكار المساء بعد العصر؛ لأنَّ ورد المساء يبدأ من بعد الزَّوال؛ بعد زوال الشَّمس، يعني: من بعد دخول وقت الظهر، فالأذكار في هذا الوقت كلّها مساء، وأذكار العشي. هذا كلّه واقعٌ في وقته، وإن كان -والله تعالى أعلم- أنَّ الأفضل والأكمل أن تُقال الأذكار: أذكار الصَّباح بعد صلاة الفجر، إلى ما قبل طلوع الشمس، هذا الأفضل في وقتها، وأنَّ الأذكار: أذكار المساء تُقال بعد صلاة العصر.
متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب أذان الأعمى إذا كان له مَن يُخبره، برقم (617)، ومسلم: كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092). انظر: "تهذيب اللغة" (13/82). "فتاوى نور على الدرب" للعثيمين (24/2، بترقيم الشاملة آليًّا). إشارة إلى حديث: ((مَن قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه)). متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، برقم (5009)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، والحثّ على قراءة الآيتين من آخر البقرة، برقم (808). "مجموع فتاوى ابن باز" (26/72). "تفسير الطبري = جامع البيان" ط. هجر (12/602). انظر: "تهذيب اللغة" (10/69). انظر: "تفسير الطبري" (12/602-604). انظر: "تفسير الطبري" (12/605). انظر: "تفسير الطبري" (5/391). انظر: "تفسير الطبري" (17/460). اذان الصبح الدمام بلاك بورد. انظر: "تفسير الطبري" (17/461).
ومَن قالها بعد الظُّهر أجزأته؛ لأنَّ هذا مساء، وهو الطرف الثاني من النَّهار، ومَن قالها بعد المغرب أجزأته، لكن يكون قد فوَّت على نفسه وقتًا من المساء لم يقل فيه هذه الأذكار، والله تعالى أعلم. وفي قوله -تبارك وتعالى-: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [هود:114]، ابن جرير -رحمه الله- والأزهري -من أئمّة اللغة- فسَّروا طرفي النَّهار، قالوا: يعني الغداة والعشي، هذا طرفٌ، وهذا طرفٌ. اذان الصبح الدمام النموذجية. الغداة تبدأ من بعد الفجر إلى طلوع الشمس، على خلافٍ بين أهل العلم: ما المراد بهذه الصَّلاة التي أمر بإقامتها؟ وبصرف النَّظر، لكن قال ابن جرير [7] -رحمه الله- بعد أن أشار إلى خلافهم: "بعد إجماع جميعهم على أنَّ التي عينت من صلاة الغداة الفجر": وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ، فالأولى -الطَّرف الأول- هي صلاة الفجر، يقول: هذا متَّفقٌ عليه، لكن يبقى الطرفُ الثاني ما هو؟ فبعضهم يقول –كالأزهري-: "الظهر والعصر هما من صلاتي العشي" [8] ، فالأزهري يقول: المساء يبدأ من بعد الظهر. وهذا صحيحٌ، لا إشكالَ فيه، وبه قال مجاهد، ومحمد بن كعب القرظي، والضَّحاك [9] ، يعني: عدُّوا صلاةَ الظهر التي تكون بعد الزَّوال يدخل وقتُها؛ أنَّ ذلك من صلاتي العشي، كذلك العصر.
وقد روى مالكٌ في "الموطَّأ" عن زيْد بن أسلم: أنَّ عمر بن الخطاب أفطر ذات يومٍ في رمضان، في يومٍ ذي غيْم، ورأى أنَّه قد أمسى وغابتِ الشمس، فجاءه رجلٌ فقال له: يا أميرَ المؤمنين، قدْ طلعتِ الشَّمس، فقال عمر: الخَطْبُ يسير، وقد اجتهدْنا" قال مالكٌ: "يريد بقوله: "الخطب يسير" القضاءَ فيما نرى"، والله أعلم. وكذلك قال الشافعي. وهذا لا يُناقِض الأثَر المتقدِّم، وقوله: "وقد اجتهدنا": مؤْذِن بعدم القضاء، وقوله: "الخطب يسير": إنَّما هو تَهوين لِما فعلوه وتيسيرٌ لأمْره. حكم من أكل وشرب ظانًّا أن الفجر لم يطلع فتبيَّن خطؤه - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. وقد روى البيهقيُّ بإسنادٍ فيه نظرٌ عن صُهَيب: أنَّه أمر أصحابَه بالقضاء في قصَّة جرتْ لَهم مثل هذه، فلو قدِّر تعارُض الآثار عن عمر، لكانَ القِياس يقتضي سقوطَ القَضاء؛ لأنَّ الجهل بِبَقاء اليوم كنِسْيان نفس الصوم، ولو أكلَ ناسيًا لصوْمِه، لم يَجب عليْه قضاؤُه، والشريعة لم تفرِّق بين الجاهل والنَّاسي، فإنَّ كلَّ واحدٍ منهما قد فعل ما يعتقِدُ جوازَه، وأخطأَ في فعْلِه، وقد استَوَيا في أكثَرِ الأحكام، وفي رفْع الآثار، فما المُوجب للفَرْقِ بينهما في هذا الموضع؟! وقد جعل أصحابُ الشافعيِّ وغيرهم الجاهلَ المخطئَ - أوْلى بالعُذْر من الناسي في مواضعَ متعدِّدة.