وقد يجوز أن يكون له فيما يستقبل, وذلك من الكلام لا شكّ خلف. لأن ما لم يكن للخلق من ذلك قديما, فليس ذلك لهم أبدا. وبعد, لو أريد ذلك المعنى, لكان الكلام: فليس. وقيل: وربك يخلق ما يشاء ويختار, ليس لهم الخيرة, ليكون نفيا عن أن يكون ذلك لهم فيما قبل وفيما بعد. والثاني: أن كتاب الله أبين البيان, وأوضح الكلام, ومحال أن يوجد فيه شيء غير مفهوم المعنى, وغير جائز في الكلام أن يقال ابتداء: ما كان لفلان الخيرة, ولما يتقدم قبل ذلك كلام يقتضي ذلك; فكذلك قوله: ( وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ولم يتقدم قبله من الله تعالى ذكره خبر عن أحد, أنه ادعى أنه كان له الخيرة, فيقال له: ما كان لك الخيرة, وإنما جرى قبله الخبر عما هو صائر إليه أمر من تاب من شركه, وآمن وعمل صالحا, وأتبع ذلك جلّ ثناؤه الخبر عن سبب إيمان من آمن وعمل صالحا منهم, وأن ذلك إنما هو لاختياره إياه للإيمان, وللسابق من علمه فيه اهتدى. سورة القصص ٧ {وربك يخلق ما يشاء ويختار} - ثمرات علمية. ويزيد ما قلنا من ذلك إبانة قوله: وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ فأخبر أنه يعلم من عباده السرائر والظواهر, ويصطفى لنفسه ويختار لطاعته من قد علم منه السريرة الصالحة, والعلانية الرضية.
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي/13/305. (2) تفسير القرآن العظيم: 6/ 251. قال القرطبي: (( قال علي بن سليمان: هذا وقف التمام ولا يجوز أن تكون + مَا " في موضع نصب بـ + يَخْتَارُ " لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شيء، قال وفي هذا رد على القدرية)) اهـ (1). قال الشوكاني: (( قال الزجاج: الوقف على +ويختار" تام على أن ما نافية، قال: ويجوز أن تكون ما في موضع نصب بيختار. والمعنى: ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة، والصحيح الأول لإجماعهم على الوقف. وقال ابن جرير: إن تقدير الآية ويختار لولايته الخيرة من خلقه، وهذا في غاية من الضعف. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة القصص - الآية 68. وجوز ابن عطية أن تكون كان تامة ويكون لهم الخيرة جملة مستأنفة وهذا أيضا بعيد جدا. وقيل إن ما مصدرية: أي يختار اختيارهم والمصدر واقع موقع المفعول به: أي ويختار مختارهم وهذا كالتفسير لكلام ابن جرير. والراجح أول هذه التفاسير)) اهـ (2) رموز المصاحف: أشارت عموم المصاحف، كالشمرلي (مصر)، والمدينة، ودمشق ( قلى) والباكستاني (ط) إشارة إلى ألولوية الوقف مع جواز الوصل، وهو ما يؤيد الرأي الأول. (2) فتح القدير: 4 / 260 كلام نفيس للإمام ابن القيم قال ابن القيم بعد أن ذكر رأي العلماء في الآية: وأصحُّ القولين أن الوقف التام على قوله: + وَيَخْتارُ " ويكون + مَا كَانَ لَهُم الخِيَرَةُ " نفياً، أي: ليس هذا الاختيار إليهم، بل هو إلى الخالق وحده، فكما أنه المنفرد بالخلق، فهو المنفرد بالاختيار منه، فليس لأحد أن يخلق، ولا أن يختار سواه، فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره، وَمَحَالِّ رضاه، وما يصلُح للاختيار مما لا يصلح له، وغيرُه لا يُشاركه في ذلك بوجه.
"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 241، و"القطع والائتناف" 2/ 515. وأما ابن جرير 20/ 100، فقد جعل ﴿مَا﴾ في موضع نصب، بمعنى: الذي، وصحح هذا القول ونصره، ورد على من قال بالقول الأول؛ وهو أن ﴿مَا﴾ نافية. وربك يخلق ما يشاء ويختار | موقع البطاقة الدعوي. وخالفه في ذلك ابن كثير 3/ 397، وقال عن القول الذي اختاره ابن جرير: وقد احتج بهذا المسلك طائفة من المعتزلة على وجوب مراعاة الأصلح، ثم قال: والصحيح أنها نافية، كما نقله ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وغيره أيضًا، فإن المقام في بيان انفراد الله تعالى بالخلق والتقدير، والاختيار، وأنه لا نظير له في ذلك، ولهذا قال: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي: من الأصنام والأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئاً. ]]. والقدرية ربما تتعلق بالوجه الثاني الذي ذكره أبو إسحاق؛ فيقولون: إن الله تعالى يريد بنا، ويختار لنا ما فيه الخيرة لنا، ويحتجون بالآية، ولا حجة لهم في ذلك؛ لأن حمل الآية على هذا الوجه إبطال لقول جميع المفسرين والقراء [[وقد ذكر أن في هذا ردًا على القدرية، علي بن سليمان. "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 241. أخرج ابن أبي حاتم 9/ 3002، عن أبي عون الحمصي، أنه إذا ذكر له شيء من قول أهل القدر، قال: أما يقرءون كتاب الله تبارك وتعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
فسبحان الله وتعالى عما يشركون. 💧 واذا تاملت احوال هذا الخلق رايت هذا الاختيار والتخصيص فيه دالا على ربوبيته تعالى ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته و انه الله الذي لا اله الا هو فلا شريك له يخلق كخلقه ويختار كاختياره ويدير كتدبيره في هذا الاختيار والتخصيص المشهود أثره في هذا العالم من اعظم ايات ربوبيته اكبر شواهد وحدانيته وصفات وصفات كماله وصدق رسله. 💢💢 فنشير منه الى شيء يسير يكون منبها على ما وراءه دالا على ما سواه فخلق الله السماوات سبعا فاختار العليا منها فجعلها مستقر المقربين من ملائكته و اختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه واسكنها من شاء من خلقه فلها مزية وفضل على سائر السماوات ولو لم يكن الا قربها منه تبارك وتعالى وهذا التفضيل والتخصيص مع تساوي مادة السموات من أبين الادله على كمال قدرته وحكمته وأنه يخلق ما يشاء ويختار.
معاشر المستمعين والمستمعات!
ا لخطبة الأولى: الله يخلق ويملك ويختار ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.