قوله تعالى: لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض. قوله تعالى: لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي لا يمل من دعائه بالخير. والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز. قال السدي: والإنسان هاهنا يراد به الكافر. وقيل: الوليد بن المغيرة. وقيل: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف. وفي قراءة عبد الله " لا يسأم الإنسان من دعاء المال " وإن مسه الشر الفقر والمرض فيئوس من روح الله قنوط من رحمته. وقيل: يئوس من إجابة الدعاء قنوط بسوء الظن بربه. سلطان عبدالرؤوف حلمي - دعاء الخير. وقيل: يئوس أي: يئس من زوال ما به من المكروه " قنوط " أي: يظن أنه يدوم ، والمعنى متقارب. قوله تعالى: ولئن أذقناه رحمة منا عاقبة ورخاء وغنى من بعد ضراء مسته ضر وسقم وشدة وفقر. ليقولن هذا لي أي هذا شيء أستحقه على الله لرضاه بعملي ، فيرى النعمة حتما واجبا على الله تعالى ، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة ، ليتبين شكره وصبره.
لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط. (مقطع رائع) - YouTube
هكذا ديدن الإنسان إلا من رحم الله: فلا صبر في الضراء، ولا شكر في الرخاء.
– ولما عظمت المصيبة بفقد ابنه الثاني ازداد صبره، وعظم رجاؤه في الفرج من الله سبحانه، فقال لأبنائه " قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " [يوسف: 83]. – وحين عوتب في تذكر يوسف عليه الصلاة والسلام بعد طول الزمان، وانقطاع الأمل، وحصول اليأْس في رجوعه، قال بلسان المؤمن الواثق في وعد الله برفع البلاء عن الصابرين، وإجابة دعوة المضطرين " قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " [يوسف: 86]. لا يسأم الانسان من دعاء الخير. – وقد أخذ بالأسباب في السعي والبحث عن يوسف وأخيه فقال لأبنائه: " يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " [يوسف: 87]. – فكانت العاقبة لمن صبر وأمل ورضي ولم يتسخط قال تعالى: " فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ من عند الحبيب مبشرًا باللقاء القريب " أَلْقَاهُ " قميص يوسف " عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا " فرجع البصر، وبلغ الأمل، وزال الكرب، وحصل الثواب لمن صبر ورضي وأناب، " قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " [يوسف: 96].