وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الأْخْرَى، أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا سَقَطَتِ النَّفَقَةُ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ قَدْ قُضِيَ بِهَا.... وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوِ الاِصْطِلاَحِ قَبْل الْقَبْضِ، سَقَطَتِ النَّفَقَةُ؛ لأِنَّهَا صِلَةٌ مِنَ الصِّلاَتِ، تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ قَبْل الْقَبْضِ، هَذَا حُكْمُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. اهــ مختصرا. وللمنفق على الزوجة -كأبيها أو أخيها- إذا أنفق عليها بنية الرجوع أن يطالب الزوج به أيضا. جاء في كشاف القناع: وَلَوْ امْتَنَعَ زَوْجٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ نَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ بِأَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ النَّفَقَةُ فَيَمْتَنِعُ، فَقَامَ بِهَا غَيْرُهُ، رَجَعَ عَلَيْهِ مُنْفِقٌ عَلَيْهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبٍ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَقَدَّمَ. اهــ. نفقة الزوجة وحقوق الزوجة على زوجها النفقة المؤقتة النفقة دين الامتناع عن تنفيذ حكم النفقة. ولها أيضا أن تستدين عليه إن تعذر أخذ النفقة من ماله. جاء في حاشية الشبراملسي الشافعي على نهاية المحتاج: سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ: امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا، وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً، وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا، وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ أَوْلَادِهَا.
من أغرب القضايا الأسرية التي وردتني لإبداء الرأي القانوني حولها استغاثة أحد الأزواج من طمع زوجته و"فجورها بالخصومة"، حسب قوله؛ إذ أوضح أنها موظفة؛ وتستلم راتبًا يصل إلى 30 ألف ريال، بينما راتبه لا يتعدى 10 آلاف ريال، ومع هذا ترفض المساهمة معه في مصاريف البيت، وقد منحته مؤخرًا مهلة للتفكير في الموضوع، والمبادرة وديًّا بدفع النفقة المستحقة عليه، سواء كانت لها أو لأبنائها، قبل أن تضطر آسفة لإبلاغ محاميها باتخاذ الإجراءات الرسمية، والشروع بمطالبته وإلزامه عبر القنوات القضائية المختصة، وحينها سيدفع أكثر من مبلغ النفقة المفروض عليه حاليًا، ولن تتنازل عن ريال واحد.. وقد أعذر من أنذر!! وحتى أكون منصفًا، أنا لم أستمع لأقوال الطرف الآخر (الزوجة)، لكنني حين سألتُ الزوج عن مبرراتها ذكر أنها تتمسك بكون النفقة واجبة شرعًا على الرجل، وأن الراتب الذي تتقاضاه من وظيفتها بالكاد يكفيها لتؤمِّن به مستقبلها مع أبنائها؛ لأن الرجال عمومًا -على حد قولها- (ما لهم أمان). حكم نفقة الزوج على زوجته فشلت في ابتزازه. بينما يرى الزوج أنه خسر الكثير من الاهتمام به وبالأبناء بسبب انشغالها بالوظيفة، بل حمَّله ذلك مصاريف إضافية لضمان استمرار الحياة الزوجية، وسد الفجوة الكبيرة التي تخلفها، سواء وهي بالشغل، أو بعد عودتها وخلودها للراحة، أو عند ذهابها للنوم مبكرًا لتستيقظ للدوام.. وكل هذا على حساب واجباتها المنزلية، عطفًا على (شوفة النفس)، ونظرتها الفوقية له، وتهديدها المستمر له بالمحكمة (ترى والله لاشتكيك للقاضي، وأدفّعك اللي وراك واللي قدامك)!
كما أن حقّ الإنفاق على الزوجة حقٌ مطلقٌ سواءً كانت ميسورة أو معسرة لكون وجوب الإنفاق ليس لوجود حاجةٍ أو عدم وجودها وإنّما نفقةٌ واجبةٌ، فالنفقة كالمهر، وكما نعلم المهر حقٌّ للمرأة الغنية والفقيرة. نجد أن الإسلام قد أنصف المرأة إنصافاً كبيراً وحافظ على سائر حقوقها، فلم يكتفِ بتحريم منع النفقة الواجبة للزوجة بل ألزم مانعها بدفعها لمستحقيها بصورةٍ إجبارية ولو أدى ذلك إلى حبس الممتنع عن الدفع أو أخذ النفقة من ماله كرهاً، فإذا كان له راتبٌ يتمّ تخصيص جزءٍ من راتبه شهرياً لصالح زوجته وأولادها وإذا كان الزوج غير قادرٍ على التكفّل بدفع نفقة الزوجة فللزوجة الحقّ بطلب الطلاق من زوجها ويتمّ ذلك عن طريق قاضي شرعي.
تاريخ النشر: الثلاثاء 26 جمادى الأولى 1441 هـ - 21-1-2020 م التقييم: رقم الفتوى: 411571 7905 0 السؤال إذا حكمت المحكمة للزوجة بمبلغ للنفقة، ورفض الزوج دفعه، وهو مقتدر. فهل إذا مات، يجب سدادها من الميراث؟ أم يقتصر الأمر على سداد المؤخر فقط؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فلم تبين لنا أخي السائل حقيقة هذه النفقة التي حكمت بها المحكمة: هل هي نفقة لمحضون في حجر الزوجة المطلقة، أم أن الزوجة باقية في عصمة الزوج، ويأبى الزوج أن ينفق عليها، أم هي نفقة لها في عدة طلاق أم ماذا؟ والذي يمكننا قوله باختصار: أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها، ولا تسقط عنه بمضي زمانها أو بموته، بل تبقى دينا في ذمته كالمهر في قول جمهور أهل العلم، لا سيما إذا قضت بها المحكمة، ويرى بعض الفقهاء أنها تسقط. جاء في الموسوعة الفقهية: قَضَاءُ النَّفَقَاتِ: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْحَسَنُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الإْنْفَاقَ الْوَاجِبَ لاِمْرَأَتِهِ مُدَّةً، لَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ، وَكَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لأِنَّهُ مَالٌ يَجِبُ عَلَى سَبِيل الْبَدَل فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلاَ يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، كَالثَّمَنِ وَالأْجْرَةِ وَالْمَهْرِ.
الفصل الثاني: في الزوجات اللاتي لا نفقة لهن، وفيه سبعة مطالب، ومنها الصغيرة، والمريضة، والمسافرة، والمحبوسة، والموظفة، والناشز. الباب الثالث: في نفقة المطلقات ومن في حكمهن، وفيه فصلان: الفصل الأول: وفيه أربعة مطالب: أنواع الطلاق، وحكم كل منها، نفقة المطلقة طلاقا رجعيا، والبائن والطلاق مبتوتا. الفصل الثاني: فسخ الزواج وما يترتب عليه، وفيه ستة مطالب، أنواع الفسخ، ونفقة الفسخ، والمختلعة، والملاعنة، والمتوفي عنها زوجها.