من المعروف أن اللغة العربية من أكثر اللغات الغنية بالكلمات والمترادفات، فهي اللغة التي شرفها الله تعالى بنزول القرآن بها، كما أنها لغة أهل الجنة. وقد نرى الكثير من الكلمات التي نظنها أنها مترادفات لبعضها ولا يوجد أي خلاف بينهم، ولكننا إذا أمعنا النظر وتأملناهم جيدًا وجدنا أن لكل منهم استخدام دقيق يختص به دون غيره. وفي هذا المقال نتناول الفرق بين كلمات الجسم والجسد والبدن. تعريفات الجسم والجسد والبدن أولًا: الجسم يُطلق كلمة الجسم في اللغة على جماعة البدن والأعضاء من الناس والدواب والإبل وغيرها من الأنواع عظيمة الخلق. ما الفرق بين الجسم والجسد في الاستعمال القرآني؟ وهل ورد فرق بينمها في الشعر العربي؟. وتُستخدم كلمة جسم كاستعارة للدلالة على الشيء، أي أن الجسم هو ما كان فيه روح وهو عموم الشكل الخارجي للهيكل بعظامه ولحمه ودمه. وقد وردت كلمة جسم في القرآن مرتين وجاءت للدلالة على جسم الإنسان الذي به روح. – " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْم ِ": في هذه الآية يتحدث الله عن طالوت ليكون ملكًا على بني إسرائيل. – " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ": في هذه الآية يتحدث الله عن اهتمام المنافقين بأجسامهم عن قلوبهم واهتمامهم بالشكل والصورة على حساب المضمون.
هل سؤال وعذاب القَبر ونعيمه للبَدن فقط، أم للرُّوح فقط، أم لهما معً؟ الدار الآخرة أسئلة وأجوبة حول القبر س: هل سؤال وعذاب القَبر ونعيمه للبَدن فقط، أم للرُّوح فقط، أم لهما معًا؟ اختلف أهلُ العلم في هذه المسألة على أقوال: القول الأول: أن سؤال القبر للرُّوح فقط، وذهب إلى ذلك: ابنُ حزم وابن هبيرَة. القول الثاني: أن سؤال القَبر للبدن فقط، وذهب إلى ذلك: ابنُ جَرير الطَّبري، وجماعةٌ من الحنابلة، منهم ابن عَقِيل في كتاب "الإرشاد"، وابن الزَّاغواني، وجماعة من الكرَّاميَّة. القول الثالث وهو قول الجمهور: أن سؤال القبر وعذابه أو نعيمه يكون للرُّوح والبدن معًا، وبه قال جمهور أهل العلم، وهذا هو الرَّاجح. قال "شارح الطحاوية" رحمه الله (ص 451): "وليس السُّؤال في القَبر للرُّوح وحدَها كما قال ابنُ حَزم وغيرُه، وأفسدُ منه قولُ مَن قال: إنه للبدن بلا رُوح، والأحاديثُ الصَّحيحة تردُّ القولَين، وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعة، تُنعَّم النفس وتُعذَّب مفردة عن البدن ومتصلة به". وقال ابن حجر في " الفتح " (3/377) في قصة أصحاب القَليب ووقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم: "قد أخذ ابنُ جرير وجماعة من الكراميَّة من هذه القصة: أن السؤال في القبر يقع على البدن فقط، وأن الله يَخلق فيه إدراكًا بحيث يسمع ويعلم ويلذ ويألم".
وقوله: ((فيَضربانِه بين أُذنيه)). وقوله: ((فيُقعدانه تَختلف أضلَاعه)) كلُّ ذلك من صفات الأجساد؛ اهـ. وقفةٌ: ذهب أبو الهُذيل ومَن تبعه إلى أن الميِّت لا يَشعر بالتَّعذيب ولا بغيره إلا بين النَّفختَين. قالوا: "وحاله كحال النَّائم أو المَغشي علَيه لا يحسُّ بالضَّرب ولا بِغيره إلا بعد الإفاقة". والأحاديث الثابتة في السؤال حالة تولي أصحاب الميِّت عنه تردُّ عليهم. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "فلتعلم أن مذهبَ سلف الأمَّة وأئمتها أن الميِّت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يَحصل لرُوحه وبدنه، وأن الرُّوح تَبقى بعد مُفارقة البَدن مُنعَّمة أو مُعذبةً، وأنها تتصل بالبدن أحيانًا ويحصل له معها النَّعيم أو العذابُ، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أُعيدت الأرواحُ إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لربِّ العالمين، ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى" (الروح: ص 69).