هل يجوز صيام يوم السبت ، معلومٌ أنَّ الصيامَ عبادةٌ مشروعةٌ لكنَّه يكونُ واجبًا تارةً، وتارةً يكون محرمًا، ويُستحبُّ تارةً، ويُكره تارةً أخرى، وفي هذا المقال سيتمُّ إفرادُ الحديثِ عن صيامِ السبتِ، هل هو جائزٌ أم مكروه؟ وما هي الحكمةُ من الحكمِ؟ وما هو فضل الصيامِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سيحجد القارئ الإجابة عليها بشيءٍ من التفصيل. هل يجوز صيام يوم السبت يختلف حكمُ صيامِ يومَ السبتِ باختلافِ حال الصيامِ وسببه، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقال سيتمُّ تفصيلُ ذلك، وفيما يأتي ذلك: [1] يجوزُ للمسلمِ صيامَ يومِ السبتِ إن كان صيامه لفريضةٍ، مثل القضاءِ أو الكفارةِ أو بدلَ هدي التمتعِ، بشرطِ أن لا يعتقدَ المسلمَ مزيةَ يومِ السبتِ على غيرهِ من الأيام. يجوزُ للمسلمِ صيامَ يومِ السبتِ إن تمَّ صيامَ اليومِ الذي قبله أو اليومِ الذي بعده، ودليل ذلك جويرية زوجة النبيِّ-: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي". هل يجوز صيام يوم السبت. [2] يجوز للمسلمِ صيام يومِ السبتِ إذا صادف يومًا صيتمه مشروع، مثل صيام عرفة أو عاشوراء، أو صيام ستةُ أيامٍ من عاشوراء، أو صيام أيام البيضِ؛ إذ أنَّه في هذه الحالة لا يصم هذا اليومِ لأنَّه يومُ سبتٍ.
الحمد لله. يكره إفراد يوم السبت بالصيام ؛ لما روى الترمذي (744) وأبو داود (2421) وابن ماجه (1726) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) صححه الألباني في "الإرواء" (960)وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ " انتهى. و ( لحاء عنبة) هي القشرة تكون على الحبة من العنب. ( فليمضغه) وهذا تأكيد بالإفطار. وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/52): " قال أصحابنا: يكره إفراد يوم السبت بالصوم... والمكروه إفراده, فإن صام معه غيره; لم يكره; لحديث أبي هريرة وجويرية. الصحيح كراهة إفراد يوم السبت أو الأحد بالصيام - إسلام ويب - مركز الفتوى. وإن وافق صوما لإنسان, لم يكره " انتهى. ومراده بحديث أبي هريرة: ما رواه البخاري (1985) ومسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه).
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: ( أصمت أمس ؟) قالت: لا ، قال: ( أتصومين غدا ؟) قالت: لا ، قال: ( فأفطري). فقوله: ( أتصومين غدا ؟) يدل على جواز صومه مع الجمعة. الحال الثالثة: أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان ، وتسع ذي الحجة فلا بأس ، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت ، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها. الحال الرابعة: أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: ( إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) ، وهذا مثله. الحال الخامسة: أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم ، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (20/57). هل يجوز صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم السبت ؟ - الوطنية للإعلام. والله أعلم.
قال أبو جعفر الطَّحَاوِي- الحنفي - في (شرح معاني الآثار): " فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرِهُوا صوم يوم السبت تطوعًا. وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يَرَوا بصومه بأسًا، وكان من الحجة عليهم في ذلك، أنه قد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه " نهى عن صوم يوم الجمعة، إلا أن يُصَامَ قَبلَهُ يوم، أو بعده يوم". فاليوم الذي بعده، هو يوم السبت. ففي هذه الآثار المروية في هذا، إباحة صوم يوم السبت تطوعًا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العُلَمَاءِ من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها. هل يجوز صيام يوم السبت مفردا؟ - ملك الجواب. وقد أذِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صَوْمِ عاشوراء وحضَّ عليه، ولم يَقُل إن كان يوم السبت فلا تَصُوموه. ففي ذلك دليل على دخول كل الأيام فيه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أحب الصيام إلى الله عز وجل، صيامُ داود - عليه السلام - كان يصوم يومًا، ويُفطِرُ يومًا »، ففي ذلك أيضًا، التسوية بين يوم السبت، وبين سائر الأيام. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا بِصِيامِ أيَّامِ البِيضِ، ورُوِيَ عَنْهُ في ذلك عن أَبِي ذَرٍّ: « أنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجل أمره بصيام ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ».
ــــــــــــ بقلم عبد الدائم الكحيل
والدين أمانة في عنق علمائه ، إن بينوه للناس وصانوه من التحريف والتلاعب كانوا أوفياء وإن لم يفعلوا كانوا مرتكبين لأبشع صور الخيانة، قال الله تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (187) آل عمران. والعلم أمانة في نفوس العلماء إن استعملوه في خير كانوا أمناء أوفياء ، وإن استعملوه فيما يشيع الذعر ويشقي الأمم ويشجع الطغاة على العدوان والإجرام ونشر الفاحشة بين الناس ، كانوا خونة أشبه بالمجرمين يلحق بهم العار وتحقق عليهم اللعنة، قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ} (13) المائدة. والمال في أيدي الناس أمانة، فإن أحسنوا التصرف به والقيام عليه وأداء الحقوق الاجتماعية فيه كانوا أمناء أو فياء، لهم الذكر الجميل في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وإلا كانوا خونة ظالمين وسفهاء مبذرين، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (34) التوبة ، وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) الإسراء.
وراجع الفتوى رقم: 134115. ولو افترضنا وقوع ذلك لاختل الأمر واضمحل، بل لبطلت الغاية التي من أجلها خلق الإنسان، وهي الابتلاء، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (هود: 7) وقال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (الملك: 2). ثم إنه لا يخفى أن التسليم لحكم الله وتفويض الأمر له، والرضا به ربا، والإيمان بقضائه وقدره، واليقين في حكمته التامة، ورحمته العامة، ولطفه الشامل، وعلمه الكامل ـ يحول بين العبد وبين هذه الوساوس، ويقطع على النفس تمردها وجموحها. فالحمد لله أولا وآخرا، باطنا وظاهرا. قال السعدي: فله الحمد تعالى، حيث ختم هذه الآية ـ يعني قوله تعالى: (ليعذب الله المنافقين.. ) ـ بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على تمام مغفرة الله، وسعة رحمته، وعموم جوده، مع أن المحكوم عليهم، كثير منهم لم يستحق المغفرة والرحمة، لنفاقه وشركه. اهـ. ثم إننا ننبه على الانتحار أو الموت ليس عدما، وإنما هو انتقال من دار إلى دار، وراجع في ذلك الفتويين: 124040 ، 156323.