ويدل لذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – السابق. قال الحافظ في الفتح:" ومعنى قوله له بأن يكون جدا أو عما أو أخا أو نحو ذلك من الأقارب أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه " 10/436 وقال النووي:" وأما قوله له أو لغيره فالذي له أن يكون قريبا له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه والذي لغيره أن يكون أجنبيا " شرح مسلم 18/113 إذا علم هذا فيجوز أن ترسل مال كفالة اليتيم ، وأنت في بلد آخر ، ويجوز أن ترسله على دفعتين أو أكثر ، وينبغي أن تلحظ في ذلك مصلحة اليتيم ، حتى لا يحتاج إلى المال. وإذا أرسلت المال إلى بلد اليتيم ، فإن الناظر على شأن اليتيم عليه أن ينفق منه على اليتيم بالمعروف دون إسراف أو تقتير. واعلم أخي أن من أهم معاني كفالة اليتيم السعي في تنشئتة التنشئة الإسلامية الصحيحة فاحرص على تعاهده بما يناسب عمره مما يكون له أثر في ذلك من كتيبات وأشرطة واهتمام وعناية في وقت إجازتك بما يكون له الأثر الحسن بإذن الله في إعطائه شيئاً من شفقة وحنان من فقده. ونسأل الله أن يثبت أجرك ويكثر في الأمة من أمثالك. فضائل كفالة اليتيم، وفضل الأرملة الحابسة نفسها على أيتامها ما لم تخش الفتنة (خطبة). انظر السؤال رقم ( 5201).
أيها المسلمون: وقد كان السلف يُعظِّمون أمرَ اليتيم: كان عبدُ اللهِ بنُ عمر رضيَ الله عنهما (لا يَأْكُلُ طَعَامًا إلا وعلى خِوَانِه يتيم) رواه البخاري في الأدب المفرد وصحَّحه الألباني. وقال ابن كثير في ذكره لسيرة أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: (خَرَجَ ابنٌ لهُ وهُوَ صَغيرٌ يَلْعَبُ معَ الغِلْمَانِ فَشَجَّهُ صَبيٌّ منهُمْ، فاحْتَمَلُوا الصَّبيَّ الذي شَجَّ ابْنَهُ وجَاءُوا بهِ إلى عُمَرَ، فسَمِعَ الْجَلَبَةَ فَخَرَجَ إليهِمْ، فإذا مُرَيْئَةٌ تَقُولُ: إنهُ ابْني وإنهُ يَتيمٌ، فقالَ لَهَا عُمَرُ: أَلَهُ عَطَاءٌ في الدِّيوانِ؟ قالتْ: لا، قالَ: فاكْتُبُوهُ في الذُّرِّيَّةِ، فقالَتْ زوْجَتُهُ فاطِمَةُ: فَعَلَ اللهُ بهِ وفَعَلَ إنْ لَمْ يَشُجَّ ابنَكَ ثَانيَةً، فقالَ: وَيْحَكِ، إنكُمْ أَفْزَعْتُمُوهُ) انتهى. عبادَ الله: اكفُلُوا الأيتامَ لأنفسكم وأشركوا والديكم في هذا الأجر العظيم ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا ماتَ الإنسانُ انقَطَعَ عنهُ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثلاثةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بهِ، أوْ وَلَدٍ صالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم، وقال الحافظُ الْمِزِّيُّ: (دعا عُميرةُ ابنُ أبي ناجية يتيماً فأطعَمَهُ وسَقَاهُ ودَهَنَ رَأْسَهُ وقال: اللَّهُمَّ أشركْ والديَّ في هذا، فنامَ فرأَى في نومِهِ أبويهِ ومَعَهُما ذلكَ اليتيم، يقولان: يا بُنَيَّ ما أعظَمَ بركَةَ هذا اليتيمِ علينا) انتهى.
فضائلُ كَفَالةِ اليتيمِ وفضل الأرملة الحابسة نفسها على أيتامِها ما لم تخشَ الفتنة الحمدُ للهِ مُرْتَضِي الحمد لنفسهِ، وجاعلهِ فاتحةَ وَحْيهِ، ومُنتَهى شُكْرهِ، وكَفَاءَ نِعْمَتِهِ، ودعوى أهلِ جَنَّتهِ عندَ إفضائهِم إلى كرامته، أحمَدُهُ بجميعِ مَحَامدهِ على جميعِ نِعَمِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله، اللهمَّ بلِّغْ نبيَّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم منَّا أفضلَ صلاةٍ وأنماها وأزكاها وأقضاها لِما فرضتَ من حقِّهِ وأوجبتَ من ذكره، صلَّى اللهُ وملائكتُهُ المقرَّبون عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه وعلى جميع النبيين والمرسلين. أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى واعلَمُوا أنَّ مِنْ أجلِّ القُرُباتِ وأفضلِ الطاعاتِ القيامُ بكفالةِ اليتيم، واليتيم هو من مات أبوهُ وهو دون البلوغ، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ﴾ [النساء: 6]، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لا يُتْمَ بعْدَ احْتِلامٍ) رواه أبو داود وحسنه النووي. وقد رغَّبَ الله ورسولُه في كفالة الأيتام والإحسانِ إليهم ورعايتِهم، فمن فضائل كفالة اليتيم: 1- هل تُريدُ مُرافقةَ النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة: فاكفل اليتيم: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («وأَنا وكَافِلُ اليَتِيمِ في الجنَّةِ هكَذا»، وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بَيْنَهُما شَيْئاً) رواه البخاري، وقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («كافلُ اليَتِيمِ لَهُ أوْ لِغَيْرِهِ أَنا وهُوَ كَهَاتَيْنِ في الجنَّةِ»، وأَشَارَ مالكٌ بالسَّبَّابَةِ والْوُسْطَى) رواه مسلم.
ولذلك فما دمت تدفعين ما يغطي حاجة اليتيم للجمعيات الموثوقة التي تقوم نيابة عن المحسنين بكفالة الأيتام فلاشك أن ذلك يعتبر من كفالة اليتيم التي ينال بها صاحبها ما جاء في الحديث. والظاهر من الحديث- والله أعلم- أن الأجر المذكور خاص بمن استمرت كفالته لليتيم حتى يزول عنه وصف اليتم كما سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 76767. وما أحيل عليه فيها والذي يكفل يتيما لمدة معينة كسنة إذا كانت نيته إتمام الكفالة وعجز عنها فنرجو أن ينال أجر ما عجز عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن هم بحسنة ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. الحديث متفق عليه. ودفع مال لا يكفي لكافل يتيم لا يعتبر صاحبه كافل يتيم ولكنه متصدق صدقة في محلها نرجو لصاحبها مضاعفة الأجر، إلا إذا اشترك مع غيره في كفالة وقاموا جميعا بما يحتاجه اليتيم فإنهم داخلون في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: كافل اليتيم. فردا كان الكافل أو جماعة أو جهة فلهم أجر كافل اليتيم. و الله أعلم.
وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهذا لفظ البخاري. وليس هذا الأجر والثواب محصورًا فيمن كفل يتيما عنده في بيته، لكن كلما كان اليتيم أشد حاجة، وقام من يكفله برعايته، والعناية به بنفسه في بيته، فإنه يكون أعظم أجرًا ، وأكثر ثوابًا ممن يكفله بماله فقط. ". اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ". كيفية كفالة يتيم قَالَ رَجُلٌ: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ! مِمَّ أَضْرِبُ مِنْهُ يَتِيمِي ؟ قَالَ: مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ) رواه ابن حبان في صحيحه ، وحسنه الألباني في " التعليقات الحسان " وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو قسوة قلبه، قال: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك: يلن قلبك، وتدرك حاجتك) رواه الطبراني وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب. وقد فسر أهل العلم ذلك أنه من المستحب أن يعامل الكافلُ اليتيمَ كما يعامل أولاده، فيضمه إلى بيته وينفق عليه، ويعلمه ويربيه ويهتم بزواجه، كما يفعل مع أولاده.