ولقد علم القرآن الكريم هذه الحقيقة من طبيعة الإنسان، ومِن ثم لم يكن يدعُ فرصةً تمرُّ دونما تذكيرٍ بحضور الله تعالى في الحياة والتاريخ، وعرض لبراهين الألوهية في الأنفس والآفاق، ولكن بأسلوب لا يمكن وصفه إلا بأنه أسلوب القرآن المتفرِّد المتميِّز، كل ذلك من أجل أن يفتح للروح والعقل تلك الآماد السامقة نحو الله تعالى! لقد عرَض القرآن الكريم الكثير من الأدلة على وجود الله تعالى والتذكير بها، بأساليب مختلفة وفي سياقات مختلفة، غير أن أهم ما ركَّز عليه في هذا العرض والبيان، هو مجال آيات الله في الكون والحياة والتاريخ؛ مِن تنوُّع للكائنات إلى رحابة في الكون، ومن إبداعٍ في التصميم إلى سموٍّ في الجمال، ومِن تحديد غاية الخلق إلى الانتصار للحق على الباطل! ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].
13- امتلاء القلب من خشية الله ، وتحلِّي العبد بالتقوى لله، فإنَّ مَن عرَف الله تعالى حقَّ معرفته واستشعَر عظمته وجَلاله وكبرياءَهُ وذكَر جمالَه وكماله وآلاءه، امتَلأ قلبُه من خَشية الله؛ فكان أتْقى لله ممَّن ليس كذلك؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28] ، والخشية صفة عِباد الله الصالحين: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [الأحزاب: 39]. ولذا لمَّا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمَلَ الأمَّة علمًا بربِّه تبارك وتعالى كان أعظمهم له خشيةً وأكملهم له تقوى؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "والله إنِّي أخْشاكم وأتْقاكم له" [1]. وفي قوله ذلك قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 7، 8].
الإيمان ضرورةٌ عقلية: الإيمان بوجود الله تعالى ليس خيارًا متاحًا للإنسان في قَبوله أو رفضه، في الانتماء إليه أو التنكر له؛ ذلك لأن وجودَ الله تعالى قيمةٌ ضرورية يقتضيها منطق العقل، وتتطلَّبها فطرة الوِجدان، وتُحتِّمها طبيعة الأخلاق، وتُوجِبها حكمة الحياة، ويَستلزمها نظام الكون! نعم، في تاريخ البشرية الطويل، وفي مختلف الحضارات والشعوب - انحرف كثير من الناس عن معرفة الله تعالى الصحيحة، فغرِقوا في مستنقع الشرك الآسِن بمختلف أشكاله ومظاهره، كما تبنَّوا تصوُّرات عن الله تعالى عجيبةً غريبة؛ عبادة الجن، عبادة الحجر، عبادة الكواكب... الايمان بالله تعالى ثالث ابتدائي. إلخ. ولكن رغم هذه الانحرافات والضلالات، فقد بقِيت فكرة الإله الخالق وضرورة وجوده متوهِّجةً متألقة، وعميقة راسخة في القلوب والعقول، ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]، ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30]. إن ضرورة وجود الله سبحانه أعظمُ وأظهر مِن كل بديهيات العقل؛ لأن هذه البديهيات قد يغفلُ عنها الإنسان وقد لا يتبيَّنها بشكل واضح لعواملَ مختلفة، أما ضرورةُ وجود الله سبحانه، فلا يمكن أن يغفل عنها أي إنسان، رغم كل التشوُّهات والضبابية التي قد تطول صورةَ الوجود الإلهي في عقول كثيرين!
7- الحاوي في بيان آثار الطحاوي: قام فيه مؤلفه بتخريج أحاديث شرح معاني الآثار للطحاوي ، وعزا فيه كل حديث إلى الكتب المشهورة ، وبيَّن الصحيح من الضعيف. 8- تخريج أحاديث الأذكار للنووي والأربعين له: للإمام الحافظ ابن حجر ، ولم يكمل تخريج كتاب الأذكار ، فأكمله تلميذه السخاوي. 9- مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا: للحافظ السيوطي قام فيه بتخريج أحاديث الشفاء للقاضي عياض. 10- تحفة المحتاج إلى أحاديث المنهاج: للإمام ابن الملقن وهو تخريج لأحاديث منهاج الأصول للبيضاوي ، وكذلك خرج أحاديث المنهاج التاج السبكي ، والحافظ زين الدين العراقي. 11- تخريج أحاديث المختصر لابن الحاجب في الأصول: للإمام الحافظ ابن حجر ، و ابن الملقن و محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي المتوفى سنة (724 هـ). تحميل كتاب طرق تخريج الحديث pdf - مكتبة نور. 12ـ هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة: للإمام الحافظ ابن حجر ، خرج فيه أحاديث المصابيح للبغوي ، والمشكاة للتبريزي.
كتب التخاريج كثيرة جدًا ، وهي كتب تؤلف لتخريج أحاديث كتاب معين ، وهي شاهد صادق على أعمال المحدثين وجهودهم في الكشف عن الأحاديث المتناثرة في كتب العلوم المختلفة حتى لا يغتر الناس بما يجدونه منها ، بل ينبغي لهم الرجوع إلى تلك التخاريج ليعلموا الصحيح منها من العليل ، ونعرِّف بأهمها فيما يلي: 1- نصب الراية لأحاديث الهداية: تأليف الإمام الحافظ جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي المتوفى سنة (762 هـ)، خرج فيه أحاديث كتاب الهداية في الفقه الحنفي لمؤلفه علي بن أبي بكر المرغيناني من كبار فقهاء الحنفية، المتوفى سنة (593 هـ). وهو كتاب حافل بإيراد الروايات ، غزير في فوائده الحديثية ، يتكلم على كل حديث من كتاب الهداية ، ثم يتبعه بما يؤيده من الروايات والأحاديث الأخرى ، ثم يعقد بحثـًا للأحاديث التي يستدل بها مخالفو الحنفية ، ويتكلم على الجميع بغاية الإحاطة والإفادة ، والإنصاف والموضوعية ، ومنه استمد كثير ممن جاء بعده من شراح الهداية ، كما استمد منه الحافظ ابن حجر في تخاريجه كثيرًا ، وهو شاهد على تبحر جمال الدين الزيلعي في الحديث وأسماء الرجال ، وسعة نظره في فروع الحديث ، وللحافظ ابن حجر كتاب اسمه " الدراية في منتخب تخريج أحاديث الهداية "، طُبع بدلهي سنة (1350 هـ).
[٢] وكتب الحديث التي تخدم هذا النَّوع من تخريج الأحاديث تُسمَّى بالمسانيد، وما يُميِّز المسانيد بأنّ أحاديث الصَّحابيِّ الواحد تختلف في موضوعاتها، فلا يكون تناسقاً في الأحاديث المرويَّة. [٢] وطريقة تخريج الحديث تكون من خلال جمع الأحاديث التي وردت عن الصَّحابيِّ الواحد وجمعها في مكانٍ واحدٍ، فيأتي مسند أبو بكر رضي الله عنه مجموعٌ فيه كلُّ ما حدَّثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهكذا يكون لكلِّ صحابيٍّ من الصحابة الكرام الذين رووا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [٢] ومن الكتب التي خرَّجت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة ما يأتي: [٢] المسانيد مثل: مسند الإمام أحمد بن حنبل. المعاجم مثل: معجم الطبراني. الأطراف مثل: كتاب تحفة الأشراف. التخريج عن طريق المتن والمقصود بالمتن هو غاية ماتنتهي إليه سلسلة السَّند من كلامِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويكون تخريج الأحاديث النَّبويَّة عن طريق المتن، بالنَّظر إلى أكثر الكلمات بروزًا في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، فيلزم للباحث في هذه الطريقة أن يكون عارفًا لكلِّ ألفاظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. [٣] ويستحضر منه جملةً بارزةً ليبحث عن الحديث؛ لينظر في صحَّته وحكمه، وعادةً ما تكون الجمل مأخوذةً من بداية الحديث، ويُطلق عليها هنا طرف الحديث وفي مراتٍ أخرى تكون مأخوذةً من وسط الحديث إذا كان الحديث طويلًا، [٣] ومن الكتب التي خدمت هذه الطريقة ما يأتي: [٤] جمع الجوامع للإمام جلال الدين السيوطي.