3- التصرف الحسي الحرام الذي لا يباح ولا يرخص فيه بالإكراه: هو قتل المسلم بغير حقٍّ، أو قطع عضوٍ من أعضائه ولو أنملة؛ لأن القتل حرام محض، قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وتستوي في التحريم حال الإكراه الناقص والإكراه التام، ومن أمثلة هذا التصرف أيضًا في التحريم ضرب الوالدين، والزنا. ب- أحكام الدنيا: أما الأحكام الدنيوية في الأنواع الثلاثة المتقدمة؛ فهي: 1- النوع الأول: ومن أمثلته: • الإكراه على شرب الخمر: لا يجب الحد على المستكره إكراهًا تامًّا باتفاق، ولا تنفذ تصرفات السكران المكره على الشرب عند الجمهور. زواج محمد السكران - YouTube. أما في حالة الإكراه الناقص، فيجب الحد عند الحنفية دون الجمهور الذين أخذوا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه)) [2]. • الإكراه على السرقة: إذا كان الإكراه تامًّا، فلا إثم ولا حد على السارق المستكره، والحكم نفسه ينطبق على الإكراه الناقص عند الجمهور، خالف في ذلك الحنفية، فقالوا بالإثم والحد في ذلك. 2- النوع الثاني: ومن أمثلته: • إذا كان الإكراه تامًّا، فلا يحكم بالردة ولا تَبِين امرأةُ المُستكرَه باتفاقِ الفقهاء ما عدا المالكية إذا كان التهديد بغير القتل.
والتصرفات الإنشائية نوعان: ما لا يحتمل الفسخ، وما يحتمل الفسخ. 1- التصرفات الشرعية المعينة التي لا تحتمل الفسخ: وهي مثل الطلاق، والنكاح، والظِّهار، واليمين، والعفو عن القصاص. ويذهب الحنفية إلى أنه لا تأثير للإكراه على هذا النوع، وأنها نافذة مع الإكراه؛ لأنها لا تقبل الفسخ؛ ولأنه يستوي فيها الجِدُّ والهزل. أما الجمهور، فيذهبون إلى أن الإكراهَ يؤثِّر في هذا النوع فيفسد، فلا يقع طلاق المُكرَه ونحو ذلك، وهذا هو الأرجح؛ لقوله -تعالى-: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]. حفل زواج الشاعر : محمد السكران بمدينة الرياض - YouTube. كما ثبت في السنة أن خنساء بنت خزام زوَّجها أبوها وهي ثيِّب، فكَرِهت ذلك، فأَتَت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَّ نكاحها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا طلاق في إغلاق)) [3]. 2- التصرفات التي تحتمل الفسخ: وهي مثل البيع والإجارة ونحوهما من كل تصرف يعتبر سببًا للملك. ويذهب الحنفية إلى أن الإكراه يفسد هذا النوع من التصرفات ولا يبطلها؛ أي: إن التصرف نافذ ولكنه فاسد، تترتب عليه أحكام فساد العقود. ولكن يملك المشتري البيع مثل المبيع بالقبض، وللمستكره بعد زوال الإكراه الخيار بين إمضاء التصرف وفسخه؛ لأن الرضا شرط لصحة هذه التصرفات، وليس ركنًا.
[1] راجع: فتح الباري 7/309، بدائع الصنائع 7/175، قواعد الأحكام 2/269، الدر المختار ورد المحتار 5/88، الإكراه بين الشريعة والقانون للبرديسي 372، تحفة المال 272، الكتاب مع اللباب 4/107، مغني المحتاج 3/289، المغني 7/120. [2] ابن ماجه، وابن حبان، والحاكم. [3] أبو داود وابن ماجه، والحاكم، وقال: على شرط مسلم.
وقال المالكية وزُفَر من الحنفية: تعتبر هذه التصرفات مع الإكراه موقوفة؛ لأن الرضا شرط في صحة انعقاد العقد. وذهب باقي الفقهاء من الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى بطلان هذه التصرفات مع الإكراه. 3- أثر الإكراه على الإقرارات: فإذا أكره شخص على أن يقر بشيء، فحكم ذلك كالتالي: أ- مذهب الجمهور: يلغى الإقرار ولا يترتب عليه أي أثر؛ لأنه حصل بقهر ودون إرادة واختيار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفِع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه)). ب- مذهب المالكية: إقرار المستكرَه بغير حق غير لازم؛ أي: إن المستكره مخيَّر بعد زوال الإكراه بين أن يُجيز ما أقرَّ به أو لا يجيزه. أما الإقرار بالمعاصي، كالزنا، وشرب الخمر، والقتل، ونحوها، فهم كالجمهور في إلغاء إقرار المكره فيها؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات. ثانيًا: التصرفات الشرعية المخير فيها، سواء كانت مما يحتمل الفسخ أو لا يحتمله، وللفقهاء فيها قولان: قال الشافعية: لا إكراهَ مع التخيير؛ ولذلك فلا أثرَ عندهم للإكراه على هذا النوع من التصرفات. وقال الجمهور: لا يُشتَرط التعيين في المكرَه عليه؛ فالإكراه باقٍ مع التخيير، ويكون للإكراه أثر في هذا النوع من التصرفات أيضًا.