تفسير ابن عاشور 1358. وانظر إلى قوله سبحانه إن ربي لطيف لما يشاء تجد أنه سبحانه أخبر أنه يلطف لما يريده فيأتي به بطرق خفية لا يعلمها الناس واسمه اللطيف يتضمن علمه بالأشياء الدقيقة وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية. إن ربي لطيف لما يشاء - أثارة. إن ربي لطيف لما يشاء يوسف من الآية100 فلطفه سبحانه كان مصاحبا ليوسف في كل بلاء نزل به ومن لطف اللطيف جل وعلا. About Press Copyright Contact us Creators Advertise Developers Terms Privacy Policy Safety How YouTube works Test new features Press Copyright Contact us Creators. إذا أراد أمرا قيض له أسبابا ويسره وقدره إنه هو العليم بمصالح عباده الحكيم في أفعاله وأقواله وقضائه وقدره.
ويرجع إخوة يوسف وقد تركوه وحيدا في ظلمة الجب ووحشة الصحراء، لكن الله لا يترك أولياءه والقائمين بأمره كما أراد بلا عون ولا مدد، ويأتي الفرج من الله تعالى في هذا الموقف العصيب الذي يبدو في ظاهر الحال وحسب تدبير إخوة يوسف أنهم قد أحكموه، ويوحي الله إلى يوسف بالوعد الكريم بأن تأويل والده للرؤيا سيتحقق، وأنه سيأتي اليوم الذي يذكر فيه إخوته بما حصل منهم وهم لا يعرفون في بادئ الأمر أنه هو الذي يخاطبهم بذلك، وهكذا تنزل السكينة والطمأنينة على قلب يوسف في هذه الظروف الصعبة، ويحصل له اليقين بأن وعد الله لا يتخلف، وأن تدبير الله تعالى لا يقاوم. ويأتي الإخوة إلى أبيهم وقد أنهوا المكيدة ودبروا في نظرهم القاصر طريق المخرج منها، ويعرضون على أبيهم ثوب يوسف الممزق وعليه الدماء، ويظهرون لأبيهم التأسف من أن الذئب قد غلبهم على أخيهم الصغير فأكله، ويدرك الأب أن ما كان يخشاه قد وقع، وأنهم يكذبون عليه وإن أظهروا وتصنعوا البكاء على أخيهم. ومع ذلك كله فقد كان يعقوب عليه السلام موقنا بأن لله تدبيرا لا يعلم أسبابه تكون عاقبته أن يكون ليوسف عليه السلام شأن عظيم، وأن الله سيجتبيه بالنبوة، وأن ما فعله أبناؤه بيوسف لا يمكن أن يصرف قدر الله تعالى عن أن يتحقق، وهنا يخاطب يعقوب عليه السلام أبناءه خطاب الموقن بحكمة الله تعالى وحسن تدبيره، الصابر على قضائه وقدره، ويكتفي بالرد عليهم بقوله: "بل سولت لكم أنفسكم أمرا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".
معنى اسمه اللطيف: مدار معنى اللطف في اللغة على معان: لطف: بمعنى دق وصغر. ولطف: بمعنى خفي واستتر. ولطَف بعبده: أي رفق به؛ أي عامله بالرفق. وقد يراد باللطف: دقة المسلك وخفاؤه.. والتلطف الوصول للمراد بما لا يخطر على البال. وهذه المعاني كلها موجودة هنا عدا المعنى الأول.. فهو سبحانه: 1ـ اللطيف في وجوده: وهو هنا بمعنى خفي واستتر، فجل أن تدركه الأبصار أو تحيط به؛ لعظمته وجلاله، كما قال سبحانه: { لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(الشورى:103). إن ربي لطيف لما يشاء – لاينز. فلا تدركه الأبصار؛ لأنه اللطيف الذي جل بلطفه أن يدرك. وهو يدرك الأبصار؛ لأنه الخبير الذي علا بعلمه أن يخفى عليه شيء. فلا يدركه أحد ولا يحيط بصفات كماله أحد، وكان حجبه نفسه عن خلقه في الدنيا لطفا بهم وشفقة عليهم؛ لضعفهم وعجزهم أن تدركه أبصارهم في هذه الحياة كما في الحديث [ حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه]. فإذا كان يوم القيامة هيأهم وأقدرهم على النظر إليه، فما رأوا شيئا أجمل ولا أعظم ولا أبهى ولا أحب إليهم من النظر إلى وجهه الكريم. 2ـ اللطيف في علمه: فهو الذي لطف علمه حتى أحاط بكل المعلومات، فأحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا.. يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه ليل أو أشرق عليه نهار.
([2])مسند أحمد ط:الرسالة(25236) قال محققو المسند:ليث بن أبي سُلَيم ضعيف وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وقال البيهقي في شعب الإيمان(12/320): رَوِيَ فِي بَعْضِ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ مَوْصُولٌ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وقَالَ الْبَزَّارُ كما في كشف الأستار (3/328): لا نَعْلَمُ رَوَاهُ بِهَذَا الإِسْنَادِ إِلا زَائِدَةُ، وَلا عَنْهُ إِلا حُسَيْنٌ. ([3])مسند أحمد ( 25835). قال ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 80): هذا حديث حسن. ([4])تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 664) ([5]) تفسير أسماء الله الحسنى – لابن سعدي( ص 71) ([6])المعجم الأوسط (2/ 61) ([7])صحيح البخاري (1013)
ويكون السجن على ما في ظاهره من بلاء آخر على يوسف عليه السلام هو مفتاح ما سيكون له من التمكين والسلطان في مصر بعد تعبيره لرؤيا الملك. وهكذا تتوالى الأحداث بعد أن أصبح يوسف هو عزيز مصر، ويأتي إليه إخوانه وهم الذين فعلوا به ما فعلوا يطلبون الميرة لأهلهم، ويحتال يوسف حتى ينتهي المطاف بقدوم والده وأهله إلى مصر. وليس المقصود هنا سرد أحداث معلومة وإنما بيان ما دلت عليه تلك الأحداث من أصول إيمانية عظيمة لمن تدبرها وفقه الحكمة منها. فما أشد التباين بين نظر إلى هذه الأحداث وما يظن بحسب ظاهرها من أنها ستؤول إلى عواقب وخيمة، وبين نظر إلى لطف التدبير الإلهي لها، وما آلت إليه هذه الأحداث من عواقب حميدة، وكيف أن كل حدث يؤدي للذي بعده في لطف خفي اختص الله بعلمه وتدبيره. فالذي وجد يوسف في الجب وباعه في مصر إنما نفذ قدر الله تعالى في وصول يوسف إلى بيت العزيز. وامرأة العزيز حين فعلت ما فعلت من مراودة يوسف على الفاحشة إنما نفذت قدر الله تعالى في أن يعلم عنه ما شهدت به عندما حصحص الحق من صدق يوسف ونزاهته، ولهذا لم يستجب لطلب الملك بإخراجه من السجن وإحضاره إليه ليستعين به في إدارة مملكته وإنما طلب التحقق قبل خروجه من حقيقة ما اتهم به وأدخل السجن بسببه.