وهذا ما ثبت من خلال الدراسات العلمية التي أجريت في كل من جامعة بنسلفانيا ومعهد فرجينيا للأبحاث التي أشارت أيضا إلى أن الإنسان عندما يكذب، فإن منطقة في الدماغ تقع خلف الجبهة مباشرة يزداد نشاطها بشكل ملحوظ. ويؤكد العلماء في جامعة أكسفورد أن هذه المنطقة عندما تتأذى نتيجة صدمة أو إدمان، فإن القدرة على اتخاذ القرار تضطرب، ما يؤكد أن هذه الناصية كما هي مسؤولة عن الكذب؛ فهي أيضا مسؤولة عن الخطأ، فمن أخبر محمدا - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقيقة؟. إنه الله الذي نتشرف أن نضع جباهنا على الأرض طاعة له، ورجاء ما عنده.
بقلم | عمر نبيل | الثلاثاء 28 ابريل 2020 - 11:52 ص يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ» (العلق 16)، هنا يتساءل كثيرون، ما هي الناصية ولماذا هي كاذبة؟ البداية لابد أن نعلم أن هذه الاية العظيمة، نزلت في حق أشر البشر، وهو أبو جهل، حينما توعد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أمام الكعبة المشرفة، بأنه إذا صلى في الكعبة سوف يضع قدمه فوق عنقه. لكن جاءه الوعيد الإلهي من المولى عز وجل، «أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ(15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ(16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ(17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ(18)كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب». ما هي الناصية؟ لماذا توعد الله عز وجل، أبي جهل، بهذا الوعيد: «لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَة»؟، الناصية بادئ ذي بدء هي مقدمة الرأس، وما علاقتها بأن تكون كاذبة؟ مؤخرًا توصل العلماء أن مقدمة الرأس هي المنطقة المسئولة عن الصدق والكذب، لذلك يختبره الله عز وجل بأنه لا يستطيع أن ينفذ ما توعد به النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك سيفعل به أن يجره جرًا من ناصيته، أي مقدمة رأسه، وهذه الفعلة عند العرب من أعلى أنواع الإهانات.
إلا أن هؤلاء يتجاهلون الحقيقة الأخرى - وهي أن الاتصالات العصبية في تلك المنطقة معقدة بنسبة أكبر من كل الحيوانات!! والآن دعونا نتعرف على رأي الشيخ عبدالمجيد الزنداني في هذا الموضوع.. ففي كتاب "وغدا عصر الإيمان" يصف كيف وقف حائراً أمام كلمة صغيرة في سورة العلق لمدة عشر سنوات.. فحسب قوله: كنت أقرأ دائما قول الله تعالى {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة} - والناصية هي مقدمة الرأس - فكنت أسأل نفسي وأقول يا رب اكشف لي هذا المعنى! لماذا قلت ناصية كاذبة خاطئة؟ وتفكرت فيها وبقيت أكثر من عشر سنوات وأنا في حيرة أرجع إلى كتب التفسير فأجد المفسرين يقولون: المراد ليست ناصية كاذبة وإنما المراد معنى مجازي وليس حقيقيا؛ فالناصية هي مقدمة الرأس لذلك أطلق عليها صفة الكذب (في حين أن) المقصود صاحبها وأنها ليست مصدر الكذب... ما هي الناصية ؟ وما دورهــــا في اتخاد القرارت ؟. واستمرت لدي الحيرة إلى أن يسر الله لي بحثا عن الناصية قدمه عالم كندي (وكان ذلك في مؤتمر طبي عقد في القاهرة) قال فيه: منذ خمسين سنة فقط تأكد لنا أن المخ الذي تحت الجبهة مباشرة "الناصية" هو الجزء المسؤول عن الكذب والخطأ وأنه مصدر اتخاذ القرارات. فلو قطع هذا الجزء من المخ الذي يقع تحت العظمة مباشرة فإن صاحبه لا تكون له إرادة مستقلة ولا يستطيع أن يختار... ولأنها مكان الاختيار قال الله: {لنسفعا بالناصية} أي نأخذه ونحرقه بجريرته... وبعد أن تقدم العلم أشواطا وجدوا أن هذا الجزء من الناصية في الحيوانات ضعيف وصغير (بحيث يجب قيادتها وتوجيهها) وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى: {ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها}... وجاء في الحديث الشريف: "اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن امتك ناصيتي بيدك.. ".
ولحكمة إلهية شرع الله أن تسجد هذه الناصية وأن تطأطىء له... (انتهى كلامه)! واسمحوا لي أن أضيف إلى كلام الشيخ أن الناس لن يؤخذوا فقط بنواصيهم يوم القيامة، بل سيعاد خلقهم وتحضيرهم ببصماتهم التي ميزتهم في الدنيا {أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه}.. والبنان كما هو معروف؛ طرف الإصبع! !
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وجعل لكل جزء من أجزاء جسمه دورا مهما يقوم به، اتضح للعلماء دور بعضها، وما زال بعض أدوارها مجهولا. يقول الحق سبحانه، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون". يستوقف الإنسان حين يقرأ القرآن بعض الآيات، وقد تمر على البعض مرور الكرام، ولكن كلما ازداد علم الإنسان اتضح له أن هذا الكتاب معجز لا في ألفاظه ولغته فحسب، بل في معانيه ودلالات مقاصده. نقرأ قوله سبحانه، "كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة"، ونقرأ "إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها.. "، ثم تجد في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - ".. ناصيتي بيدك.. " فما هذه الناصية التي تكرر ذكرها في القرآن والسنة؟ الناصية في اللغة: هي مقدمة الرأس أو أعلى الجبهة.
ولذلك قال الله تعالى: (لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ) أي نأخذه ونحرقه، ثم وجدوا أنَّ هذا الجزء من الناصية في الحيوانات صغيرٌ ضعيفٌ؛ لأن الحَيوان مركزُ قيادته وحركةُ جسمه من هذا المكان أيضًا، وإلى هذا تشيرُ الآية الكريمة (مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [ هود: 56] واليومَ في دولِ الغرب يَتحدثونَ عن جهاز يُوضعُ حول ناصية من أرادت الدولةُ استجوابهم ليدلَّ على صدقه أو كذبه، بإشارات تطلقها الناصية عند الخبر الصادق بخلاف الخبر الكاذب، فسبحان الله ربِّ العَرشِ العَظيمِ قال تَعالى ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:21]